| عزيزتـي الجزيرة
أبي: لن أنسى كلمتك المشهورة لي: أذكر وأشكر نعمة الله عليك,.
فوربي اني لنعمته ذاكر ولفضله مقدر وشاكر, فنعم ربي عليّ كثيرة لا أحصيها وانا له ليلا نهارا شاكر، الا انني مع ذلك يا أبي قد حرمت من نسيانك فلم أستطع ان أنساك.
اني أتمنى ان انساك لكي يندمل جرح قلبي ويقف نزيفه.
أتمنى ان أنساك لكي تنقشع غيوم الحزن من حياتي وتعود البسمة الحقيقية لشفتيّ, أتمنى ان أنساك لانني مؤمن راض بقضائه وعلى امتحانه لي صابر, أتمنى ان أنساك لأنني أثق انني لن أراك بعد اليوم الا يوم البعث عسى ان يجمعني ربي واياك في مستقر رحمته انه غفور رحيم,آه يا أبي,, لقد مت أنت واسترحت وليتك تعلم كم تركت في قلبي بعد رحيلك من هموم وأحزان لو نزلت على السروات وطويق لساوتها مع الدهناء والنفود.
لست أنسى خوفك من ربك وايمانك القوي به وعطفك على الفقراء والمحتاجين سرا وسيرتك العطرة الندية التي يعرفها ويذكرها كل من عرفك أو سمع بك.
لست أنسى عقلك الراجح ولسانك القويم وصدرك الواسع واسلوبك الهادىء الرصين في حياتك وشخصيتك القوية التي أجبرت كل من قابلك على احترامك.
لست أنسى منتصف تلك الليلة المشؤومة عندما أخبرت بوفاتك وأنا انتظر عند باب غرفة العناية المركزة بالمستشفى,آه كم كان الخبر رمحا في صدري لكنه لم يوقفني بفضل ايماني القوي بربي فدخلت عليك لأقبلك قبلة الوداع وأغطي جسمك الطاهر وألملم شمل أحزاني لأذهب وأسلي أمي واخوتي وأعمامي وبأعصاب فولاذية أكتم عنهم الخبر حتى الصباح,لست أنسى منظر الجمع الغفير جزاهم الله خيرا الذين اصطفوا للصلاة عليك وأنا بينهم صابر محتسب.
لست أنسى منظر جنازتك عندما أدخلت المقبرة ووراءها جمع غفير ثم واروك في قبرك وأهالوا التراب عليك وهم يبكون وأنا واقف أتصبر مبتسما,لست أنسى منظر الذين جاؤوا يعزونني فيك وكل منهم دموعه تتناثر على خده وصدره حزينا كئيبا وأنا واقف استقبل تعازيهم بصدر رحب ووجه مبتسم.
لست أنسى منظر ذاك الطفل الصغير عبدالله وهو يعد بيديه الناعمتين ثم ينظر لي وببراءة الطفولة ترتسم على وجهه ويقول: باقي عشرة أيام ويخرج أبي من المستشفى، فيبكي من كان عندي يسمعه وأنا انظر له وأبتسم.
أبي: كل من كان يعرفك وسمع بخبر وفاتك بكاك وحزن عليك وعبر عن حزنه بدموعه وتقاسيم وجهه الا أنا لا تستغرب يا أبي.
كلنا نحبك ونعزك ولكن العلاقة التي تربطني بك أكبر وبكثير من العلاقة التي تربطك بهم لذلك استطاعوا ان يعبروا عن حزنهم عليك بدموعهم وتقاسيم وجوههم.
أما أنا فحبي لك أكبر من حبهم لك، حبي لك أكبر من أن تعبر عنه دموعي وأكبر من العالم والوجود.
فأنا عندما سمعت الخبر طعن القلب وأمر العين ان تبكي لكنها لما رأت العيون التي غيرها تبكي رفضت وقالت يجب ان يكون حزني عليه من حزن كل العيون.
فأمرت رأسي ان يشاركها بأن حجرت دموعها وسط محاجرها وحبستها حتى ضاق بها رأسي وتصدع، فهاهو رأسي يتصدع ألما وعيوني تتحجر دموعا وقلبي ينوء بحمل الأحزان وأثقالها.
لذلك كل الذين بكوك أفرغوا أحزانهم من خلال دموعهم وبعد فترة وجيزة نسوك الا أنا سأبقى أحمل همومي وأحزاني بفقدك وسأبقى أذكرك ما امتد بي العمر وكلي أمل بربي الكريم ان يجمعني واياك في مستقر رحمته انه كريم مجيب الدعاء.
سعود بن عماش الرمالي طريف
|
|
|
|
|