| محليــات
بين ما يقدمه التلفزيون الفضائي، ليست مسلسلات الجنس والاثارة فقط ما يعرّض القيم للتأثر ويخلخل الهوية الثقافية,, هناك ايضا برامج الترفيه الموجهة للمراهقين وبرامج الحوار المباشر مع المذيعات المتغنجات بكامل أنوثتهن.
اما فئة المشاهدين الاكثر نضجا والباحثين عن البرامج الجدية فليست في وضع افضل, حتى في البرامج الاخبارية والتوثيقية هناك مستجدات واعادات يومية تكرر التفاصيل اللاانسانية من الاغتصابات والتعذيب والمجازر الجماعية التي تمارسها اطراف متحاربة في شتى ارجاء العالم، وهناك تحقيقات في الانتهاكات المؤسساتية وندوات عن المستجدات الاجتماعية تخوض في تفاصيل العلاقات الشاذة وانتهاك حقوق الاقليات واستغلال القصر والاطفال جنسيا.
واسوأ الاسوأ من حيث لا مبرر اعلامي او توعوي له، تحمله العروض التجارية البحتة التي تتساهل في كل القيم بل وتلغيها من الاعتبار في لقطاتها الاعلانية التسويقية لمنتجات حميمية الاستعمال اقل ما يقال عنها انها مقرفة بعريها ومباشرتها ومع ذلك فهي بلاشك تشد اللاهثين في انفعالات مراهقة ممتدة.
الجيل الناشئ عالميا هو الضحية الاولى لهجمات التوجهات الاستهلاكية، مهددا بفقدان القيم, ولعل اهم ما نواجهه عربيا من التحديات في الغد القريب هو تحديد العناصر البناءة في هوية جيلنا الناشئ اجتماعيا وثقافيا، ففي حين تدفعه تطورات التواصل الاعلامي والتقدم التقني كونيا الى الانسلاخ من فرديته والتجانس مع الحضارة والثقافة الكونية السائدة والطاغية بشكل متسارع خارج اسوار الذات الخاصة، تظل هناك ايضا كل قوى الجذب السلبية التي تتشظى امامها قيم المجتمع ايا كان ، بالاضافة الى اشتعال المقاومة المناهضة في القوى المناقضة التي تصر على تحجيره كما هو وابقائه في حالة انفصال عن التيار المتسارع، او حتى عكس وجهته بتقييده في وجهة الماضي.
احداث العنف المتواترة في الجوار القريب والبعيد مجتمعيا، واسريا توضح مدى خطورة التأزمات الناتجة عن تهميش وعدم اتضاح مكونات الهوية الجوهرية, ومن التبسيط ان نصنف كل ما يحدث من تطورات سلبية في تصرفات وتفاعلات الشباب من الجنسين بغوغائية او تدميرية ماديا ومعنويا بانها استجابات جاهلة لمحرك خارجي او حتى حصرها في محاولات أفراد مهووسين باهداف مغرضة يسعون لتنصيب ذواتهم في موقع المستفيد من بلبلة الاوضاع, فهناك حقا الكثير من التساؤل المشروع عن موقع الفرد والمجتمع من معادلة البقاء متعايشا وراضيا وان لم يحقق مستوى التفوق الفردي,, وهناك محاولات للوصول الى اجابات مقنعة لما يجب ان تكون عليه تفاصيل الهوية في ظروف وتداخلات اليوم انما حين يحاصر مجال السؤال والاجابة في كيف تستغل الفضائيات في جذب الجمهور المتابع ولو باثارة الغرائز نكون كمن رضى بتبديل قيم المجتمع السامية الى سوق مفتوح مسموح فيه ببيع اي شيء يحقق ارباحا مادية للبائعين حتىولو كان سما زعافا, هنا فعلا ننتهي بالتصدع الاعمق في بنية المجتمع.
|
|
|
|
|