| الثقافية
* بريدة بندر الرشودي
استضاف نادي القصيم الادبي ضمن أنشطته المنبرية في موسمه الثقافي لهذا العام الاستاذ الدكتور محمد بن مريس الحارثي استاذ النقد الادبي في جامعة أم القرى في محاضرة بعنوان مات النقد، عاش النقد .
وقد ناقش في المحاضرة ما أثير من زعم حول موت النقد الأدبي، وهو زعم كان الكاتب والشاعر السوري أدونيس قد أطلقه في كتابه (كلام البدايات) وقد بدأ الدكتور محاضرته بالإشارة إلى ان الحركة النقدية العربية قد خاضت في قضية موت المؤلف التي تعالقت مع قضية التناص، ثم أثارت موت الشعر على الرواية التي أصبحت في نظر بعضهم تمثل ديوان العرب,, وكذلك موت بعض الانساق المعرفية!
ثم يتساءل المحاضر عن الدافع الى الزعم بموت النقد الأدبي في هذه المرحلة بالذات بعد رحلة طويلة ويجيب المحاضر عن هذه الاسئلة بقوله:
لما كانت مهمة الفن بعامة والأدب بخاصة ذات علاقة بمشكلاتنا الذهنية والحسية، فان علاقتنا بالنقد الأدبي علاقة ضرورية، وهذه العلاقة الوثيقة بالفن ومنه الادب من اقوى الاسباب التي وثقت علاقتنا بالنقد, ومن هنا لايمكن بحال من الأحوال ان نعد الأدب نسقاً فنياً ميتاً يقود الى فك الارتباط معه، تمهيداً لفك الارتباط مع النقد، ومن ثم الزعم بموت هذا أو ذاك.
ان النقد الادبي نسق من انساق المعرفة وهو كما انه ظاهرة أدبية ظاهرة اجتماعية لأنه يوجه الى قاعدة كبيرة من القراء والمهتمين بدراسة الأدب، والناقد يعد من جمهرة القراء لكنه يمتلك دقة الملاحظة في إدراك طبيعة العلاقات القائمة بين بنيات العمل الإبداعي ويتنبه الى بعض العناصر المفقودة في النص مما لم يقله النص.
وعندما يبرز الناقد المحايد بعض المآخذ على العمل الأدبي فإنه لا ينطلق من موقف عدائي لذلك العمل أو منتجه، وإنما ينطلق من وعي فكري وذوقي حر، والحرية هنا لا تعني ان يقول اي شيء، فالناقد المؤهل يدرك تماماً ان مهمة النقد البناء وليس الهدم.
ان بإمكان النقد الأدبي ان يخلق أدباً مثيراً مثلما كان بإمكانه الغض من جماليات الادب.
وقد عاش الأدب والنقد في حراك تاريخي طويل اذ هما وجهان لعملة واحدة حصل ذلك في الحضارة اليونانية وعند الرومان وفي الفكر العربي وعند نقاد عصر النهضة الاوروبية وفي العصر الحديث وقد شهد النقد خلال هذه السيرورة الزمنية تحولات متعددة وذلك دليل مرونته، وكان ذلك يتم وفق التوجهات الفكرية والحاجات الإبداعية فتنوعت بذلك مذاهب النقد وتعددت اتجاهاته.
وهذا التحول قد يكون داخل النسق النقدي بعامة أو داخل المنهج ذاته.
ويجعل المحاضر الحارثي الناقد الدكتور محمد مندور نموذجاً للناقد شغوفاً بمنهج فقه اللغة في تفسير النصوص الأدبية حيث ظل ملتزماً به في أكثر من واقفه النقدية ثم تحول منه الى الاتجاه الاجتماعي الذي يلحظ الواقعية الاجتماعية ويصل الأدب بغاية اجتماعية تربط الأدب بقضايا الأمة.
وهذه التحولات الكبيرة التي شهدها النقد الأدبي لِمَ تبح لأحد ان يدعي موت النقد، أن أول من زعم ذلك هم نقاد الحداثة الذين اتجهوا الى التشكيك في اهلية النقد التراثي والى التشكيك في كل موروث، ورأوا ان الهدم طريق البناء.
ولم يتنبه هؤلاء الى ان كل دعوة جديدة منبتة عن الأصول الانتمائية للأمة تكون بعيدة عن الممارسة حقيقة وواقعاً وهذا ما وجهته الحداثة التغييرية التي تبنت فلسفة ما بعد الحداثة غير العقلانية،
وقد كان للحضارة المادية عند الغرب أثرها في شطط الرؤية العربية التغييرية، مما جعل المواجهة بين منطلقات التغيير ومرتكزات التراث تتسع.
ثم أخذ المحاضر يبين مشروع ادونيس النقدي الذي يهدف الى الهدم والى رفض كل ما هو ثابت ومستقر ومن ذلك النقد الادبي حيث يزعم انه لم يعد قادراً على اداء مهمته.
ويرجع المحاضر هذا الزعم إما الى قصور في آليات القراءة، وإما الى توجيه القراءة وجهة تخدم دعوة التغيير، وهذه لاتهمها الحقيقة النقدية التاريخية والعلمية بقدر ما يهمها الانحراف عنها.
هذا وقد شهد المحاضرة جمهور غفير، وشارك بعض الحضور بمداخلات أثرت اللقاء.
|
|
|
|
|