شدو أو ترحل هكذا؟! د, فارس الغزي |
أيها المتعب من الرحيل: هل أضناك النزول والارتحال فرحلت؟! هل اخذتك الرأفة بخيلك فترجلت؟! لماذا ألقيت بسلاحك جانبا وتوسدت ذراعيك واغمضت جفنا طالما أشغله السهاد عن الرقاد ايمانا ومجدا وبذلا ومدا؟! يا راحلا عن طوع وارادة: هل للمخلوق طوع وارادة؟!,, حتما ان له طوعا وارادة: ففي مجرد انعدام الخيار خيار بحد ذاته,, ان في مجرد استجابة القدر والرضاء بما يحكم القدر لطوعا وارادة,, ان في مجرد الايمان بالرحيل والتسليم بالرحيل لرحيلا عن طوع وارادة, لقد كان في وسعك ان تشكو قدرك على الانسان ايها الانسان ولكنك ابيت عن طوع وارادة,, لقد كان في مقدورك ان تبتئس من الضر فآثرت الصبر على الضر عن طوع وارادة,, لقد كان في وسع عينيك امتشاق سلاح البكاء لعدم (جدوى السلاح) ولكنك ورغم كل شيء، اصررت على الوداع بثبات وطمأنينة المؤمن عن طوع وارادة, انه القضاء اولا واخيرا رغم انف الطوع والارادة, انها قوة الايمان بالقضاء تلك التي امدتك بسلاح ايوبي علي الابتلاء, انها قوة الايمان تلك التي الغت من وجودك غريزة حب البقاء , انها قوة الايمان تلك التي لم تجزعك من قدر مقدر الاقدار, وهل لمؤمن مثلك الا يعزف عن انسانية هذا الكون طمعا برحمة خالق هذا الكون؟!.
ايها الراحل رغم انف الذهول والواقع والمأمول: أتتذكر صمتك الناطق حكمة، ونظراتك المزجية عتب الحب وعشم المحب؟!,, أتتذكر قسوة الرجال فيك؟!: هل كانت في الحقيقة قسوة تلك التي طالما انطلقت من سويداء قلبك مزمجرة حبا وحنانا,, وانى لقلب مؤمن كقلبك ان يقسو في وهج طمأنينة ابتهالاتك اليه في الاسحار املا، وصلواتك له في العشية والابكار شكرا، ودمعك الملح المدرار خوفا منه ورجاء؟! ومن غيره يستحق الشكر والثناء على تقدير ايابك اليه مقدار ما له من الشكر والحمد على تقدير مجيئك منه الى هذا الكون المأهول بك ذكرى، العامر بك خلودا.
يا ايها المترجل بعد البلاء الحسن، يا أيها النهر المتدفق كرما، السلسبيل عطاء، الضعيف خوفا من الله، القوي املا بلقاء الله: كم نهلت منك ما لهذا الدين من عظمة، وكم استدمجت ما لهذا الوطن من كرامة، وكم حفظت من اناشيد الفداء والولاء، وكم اطلقت سراح بلابل تلك الاناشيد لتغرد في كياني حبا وفخارا وانتماء رغم انف تقادم الازمنة واندثار الامكنة؟!, كم اكدت علي وأنا في الغربة ما صغته انت في اذهان طفولتي البريئة وتطلعات شبابي الطامح الجامح من حقوق للدين وواجب للوطن,, بل كم اكدت واكدت ما لهما من حقوق علي حتى بعد تخرجي وتسنمي مسؤولية رد بعض الجميل للوطن الجميل, حقا انك لصادق صدوق فلا عزة لمخلوق الا بهذا الدين، وحقا انك لمؤمن ومواطن: فحب الوطن من الايمان ,, وهل تريد حقيقة اخرى؟! لولا فضل الله ثم انت لما كنت مسلما,, ولم لا؟!: ألست الذين وجه دفة فطرتي الربانية؟! وهل تريد حقيقة اخرى: لولا فضل الله ثم انت لما كنت سعوديا: واين لي مثل هذا الشرف العظيم لولا ان الله قد اختارك من تراب هذا الوطن المعفر بالعزة والاباء والمجد والسؤدد!, هل تتذكر كم كررت علي بأن الموت في سبيل الوطن شهادة، والبذل والعطاء له حق الهي، بل ان الاخلاص له اخلاص للنفس والاهل والولد؟!, هل لي ان اكرر على اسماعك التي طالما منحتني اياها عهدا طالما اكدته لك ببذل كل ما في وسعي بذله على مواصلة استلهام الهامك وتقمص ادوارك,, على الاخذ على عاتقي كل ما من شأنه عزة ديني ورفعة وطني,, على انتهاج نهجك,, على الاستنارة بوهحك,, على حث السير على خطاك,, على استيداع ما أعجز عن تحقيقه امانة باعناق اولادي وتلامذتي خدمة لدين العظمة وفداء لوطن الآباء,, رحمك الله يا والدي ورحم معك السابق واللاحق ممن آمن بألوهيتة وأقر بربوبيته.
|
|
|