*اعداد:تركي إبراهيم الماضي
مناسبة اختيار الرياض عاصمة ثقافية للعام 2000م تعني بالدرجة الاولى انها لحظة من لحظات التحفيز ويجب ان نستشعر هذا الجانب فيها، لا بد ان نستشعر الجانب التحفيزي الذي به نشحذ هممنا لكي نقدم ما يفترض ان يكون احسن ما عندنا، ولأننا بالدرجة الاولى معنيون بالثقافة بشكل ضروري ومعنيون بالثقافة العربية بشكل اساسي ايضاً، وهذا ليس أمراً طارئاً لا يحدث الا بنسبة معينة او محددة، لكننا نتفهم نسبة الحدث الى عام محدد بمعنى انه ضرب من ضروب التحفيز وشحذ الهمم لكي تغطي اجمل ما عندنا.
والذي أوده وأتمناه ان نرى مشاركات ذات قيمة نوعية وليست قيمة عددية، من المهم أن تكون المشاركات على مستوى ما نريد فعلاً ان نسميه بثقافة عربية خاصة اننا نعيش في زمن يبدو السؤال الثقافي فيه حاداً وقوياً امام مرحلة زمنية حساسة ومتغيرة جداً ومطلع قرن جديد لا بد أن تكون الفاتحة فيه عنواناً ثقافياً فعالاً واساسياً يشكل تغيراً نوعياً وهذا الذي أود أن نلمسه وهو المشاركة النوعية وليست العددية.
وأهم عنصر في الثقافة هو الاخذ بمبدأ التعدد والتنوع وحق الاختلاق بين كافة الاهتمامات والمهارات التي يجب ان تتسع صدورنا بكل أنواع الاختلافات والاهتمامات، فهناك ابعاد متعددة لفئات اجتماعية وفئات فكرية وثقافية عربية يجب ان يكون لها تمثيل عندنا، كذلك الأنشطة الثقافية ليست محصورة على جانب محدد أو معين بل النشاط الثقافي يغطي مساحة عريضة ومتنوعة، وكما اتمنى ان نرى هذا التنوع وهذا الاختلاف وهذا التعدد لكي يكون ممثلاً حقيقياً لموسوعة الثقافة العربية ويجب ان نعي اننا نتحدث هنا عن موسوعة ثقافية وليست صيغة ثقافية واحدة.
أما عن سؤالك: كيف نرسم مستقبل الثقافة بعد عام 2000م؟! وهذا سؤال فعلاً مهم جداً جداً، وأتمنى ان نعطيه حقه من الاهتمام, نحن لا ينقصنا الخبرة ولا القدرة لكن لا بد ان نستشعر الاهتمام في نفوسنا لأنه من المهم ان يكون في برنامج تفكيرنا نوع من الاستراتيجية بعيدة المدى التي تضع المطمح الحقيقي لنا كأمة تعتمد على دين عظيم وتعتمد على لغة عظيمة، وتعتمد على تراث عظيم فهذه أسس جوهرية لا بد ان نحركها كي ترسم لنا معالم صورة ثقافية مستقبلية والذي أشعر احياناً اننا فقط نكتفي بأن نسير ونمضي في الطريق لكن سيرنا لن يكتمل ما لم تكن معالم الاستراتيجية الثقافية بارزة واضحة وحافزة على العمل.
***
المناسبة مهمة
لإظهار مخزوننا الثقافي
الرياض عاصمة المملكة,, عاصمة وطن غني بالثقافة هو مهد الثقافة العربية والاسلامية,, منه نبع نور الهدى,, وهو مهد اللغة العربية,, ويقف على تراث الأمة في تاريخها الطويل فهي الرياض بما تمثله عن هذا الوطن، وهي فعلاً تملك كل مؤهلات لأن تكون عاصمة ثقافية للوطن العربي، ويبقى انها بالاضافة الى موروثها العظيم فهي ايضاً غنية بكل انماط وانواع الثقافات المعاصرة بسبب وجود ابنائها في كل مجالات الفنون والابداعات الثقافية المختلفة.
اما عن تطلعاتي فهي ان تكون الخطط المعمولة لهذه المناسبة على مستوى اهميتها، لا بد ان يكون هناك خطط يستطيع الوطن من خلالها ان يظهر حقيقة عمقه الثقافي وابعاد مفرداته الثقافية، لأن هذه مناسبة مهمة جداً لأن نظهر للعرب أولاً وللعالم بأننا منبع ثقافي مهم في ماضيه وحاضره، وهذا يتوقف على الخطط والبرامج التي يعدها المعنيون في الموضوع، ولكني آمل ان يؤخذ في الاعتبار كافة روافد الثقافة في الوطن وكافة العناصر الثقافية المتواجدة على ارض الوطن ليس فقط الرياض وان تكون فعلاً مناسبة لاظهار مخزوننا الثقافي بشكل مميز.
واعتقد بخلاف سؤالك ان رسم الثقافة يجب ان يكون اساسياً في برامجنا التنموية والتطويرية لإنساننا بصرف النظر عن اي حقبة تاريخية او سنوات او الفين او 1420ه المسألة تتعلق بأننا في زمن يتسارع وتتغير فيه أنماط الطرح والعرض وأنماط الابداع والمفروض علينا أن نطور برامجنا بما يتلاءم مع مقتضيات هذا الزمن بصرف النظر عن السنوات.
***
لا بد أن نشعر الآخرين بوجودنا الثقافي
يجيء اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000م مع الدعوة الى العولمة التي تعني وجود ثقافة واحدة, واقتصاد واحد، وربما لغة واحدة، وهذا يعني ان تحرص الأمة العربية على الحفاظ على هويتها الثقافية والاجتماعية والحضارية، وكون الرياض عاصمة للثقافة وهي مهد العرب يلقي بمسؤولية كبيرة على الرياض من اجل ان تسهم الرياض في هذا العام في ترسيخ هوية الأمة العربية على المستوى الثقافي بشكل خاص هنا اعيد فكرة قراءتها للصديق الاستاذ عبد الله سليم الرشيد حول توظيف هذه المناسبة للحفاظ على رمز من رموز هويتنا العربية الا وهي لغة عربية في ظل توجه العالم الى العولمة ووجود سلطة واحدة سلطة ثقافية ولغوية في هذا العالم، هنا يتوجب علينا ان نحرص على الحفاظ على رمزنا اللغوي الا وهو لغة الضاد، وهناك ، كما يقول الناقد المعروف عبد السلام المسدي (حرب لغات) وطبعاً اللغة القوية هي التي ستكون منتصرة، واللغة العربية محفوظة بحفظ كتاب الله، ولكن المطلوب هو ترسيخ هذه اللغة وجعل الاجيال تعتز بها، وجعل هذه اللغة هي لغة الخطاب الثقافي والأدبي والفكري، ولعل كما اشرت اختيار الرياض عاصمة ثقافية ان نرسخ هذا المفهوم الذي اركز عليه وأتفق مع الاستاذ عبد الله الرشيد في الحفاظ على لغتنا التي هي احد رموزنا نحفل بها ونعتز.
وهناك جانب آخر لعلني سبق ان دعوت اليه في مناسبة ثقافية الا وهو ان نحرص على ابلاغ خطابنا الادبي والثقافي الى العالم من حولنا والى اشقائنا العرب على وجه الخصوص، نحن في المملكة العربية السعودية بحمد الله لنا حضورنا السياسي والاقتصادي يبقى غياب او ضعف حضورنا الثقافي رغم ان لدينا من المنجز الثقافي الشيء الكثير سواء عبر المطبوعات الثقافية او عبر النشاطات المنبرية لكن يبقى ايصال هذه الثقافة الى الآخر، واشعار الآخرين ان الانسان السعودي لايتلقى الثقافة فقط انما يسهم فيها ويتفاعل معها، ولعل هذه المناسبة فرصة لأن تعقد ندوة ثقافية كبرى يشارك فيها رموز ثقافية من السعودية ومن الوطن العربي، ويكون محور هذه الندوة: (الثقافة السعودية العربية حاضراً ومستقبلاً) بحيث يتحدث عن جذور هذه الثقافة السعودية العربية التي لا تختلف عن الثقافات العربية الاخرى، ولكن ابراز العطاء الثقافي او الخطاب الثقافي السعودي، فهي تتحدث عن بدايات الثقافة السعودية منذ ان اسس الملك عبد العزيز رحمه الله المملكة العربية السعودية ووحدها وكانت احد منطلقاته المنطلق الثقافي والتعليمي، ثم يتم التدرج في الانطلاقة والنهضة الثقافية السعودية حتى عصرنا الحاضر الذي اصبحت ثقافتنا تزامل الثقافات العربية الأخرى ان لم تتفوق على بعضها، كما استشرف ان تعقد مثل هذه الندوة وان يحضر لها تحضير جيد لتكون احد مناشط اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية عام 2000م.