تنفرد الرياض دون جميع العواصم العربية بمجموعة من السمات الفارقة التي تميزها عن هذه العواصم العربية، فهذه المدينة لم تعرف كثيرا من ويلات القرن العشرين التي ابتلي بها العالم العربي، إذ لم يدخلها غزاة من اي نوع، كما ان هذه المدينة بقيت رمزا للشخصية العربية والأصالة الإسلامية لأسباب كثيرة لعل ابرزها هو حرص قادة هذه البلاد، من عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله وحتى العصر الحاضر عهد خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله ، على اتباع سياسة متوازنة وفي الوقت نفسه تشارك المجتمع الدولي في كافة القضايا التي تهم الإنسانية جمعاء، فالرياض إذاً حرية ان تكون عاصمة للثقافة العربية، وصعيدا أصيلا يقف فيه المفكرون والمثقفون العرب وقفات صادقة مع النفس لمراجعة الثقافة في مضامينها الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والادبية ومن كل التيارات الفكرية التي ولدت على أرضنا العربية في القرن العشرين، ليكون في هذه المراجعة تأكيد الخصوصية الثقافية دون انغلاق وعزلة عن العالم، ولتكون هذه المراجعة اساسا للوصول الى الدروس المستفادة التي يمكن استخلاصها لأنفسنا ونحن في مستهل القرن الحادي والعشرين.
ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، تجري جسورا مهمة مع المثقفين العرب وعلى علاقة مستمرة بالثقافة العربية وهمومها، وتطل على المثقف العربي بأنماط ثقافية متنوعة، فالمكتبة في عمرها القصير والذي تجاوز السنوات العشر، كانت على نهل ثقافي واسع من خلال ما قدمته للمثقف من ندوات فكرية ومحاضرات ثقافية ومعارض متخصصة واسابيع ثقافية متنوعة، واصدارات علمية وثقافية تتجاوز في عددها اضعاف عمرها القصير، وها هي تتواصل مع فعاليات الرياض عاصمة الثقافة العربية لعام 2000م من خلال برنامج ثقافي شامل تعد المكتبة نفسها للاسهام به في هذه المناسبة الثقافية الكبرى.
فهنيئاً للوطن بهذه المؤسسة الثقافية الشاملة وهنيئاً للثقافة العربية بمدينة الرياض عاصمة الثقافة العربية وعاصمة التراث والأصالة.
* نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة