* أنا منحاز الى المرأة.
* وهو انحياز للاسرة والمجتمع والوطن.
* وهو انحياز لا يقبل الحياد ايجابيا او سلبيا في مجتمع يضع قيمه,, وتعاليم دينه في المقام الاول وفي المكانة العليا.
* وهو انحياز منسجم مع الاهداف المعلنة لاستراتيجيات التنمية في خططها الخمسية المتتابعة.
* لقد هبت على هذا الوطن ريح تنوير وتعليم طيبة، بذرت في ارضه بذور خير ونماء، انبتت شجرها، واعطت ثمرها، وآتت أكلها أو كثيرا منه.
* قاد الملك المستنير فهد بن عبدالعزيز مسيرة نهضة تعليمية شاملة لم تشهدها جزيرة العرب منذ ان كان مجدها الاول قبل ان تنتقل مراكز النهضة الى دمشق وبغداد والاندلس وبخارى وسمرقند.
* واولى حفظه الله تعليم المرأة وشؤونها اهتمامه الكبير ورعايته الشاملة، وقاد مسيرة تعليمها في ظروف اجتماعية صعبة، وابحر بسفينة تنشئتها وتثقيفها بمهارة ربان حصيف يتجنب مواقع الصخور الحادة، ويتحاشى التيارات العاصفة والرياح الهوجاء والدوامات الهالكة.
* ولا يستطيع متابع منصف الا ان يدهش للنتائج المذهلة التي تحققت في فترة زمنية قصيرة.
* وسوف تزداد دهشته عندما يرى تغير مواقف المجتمع من تعليم المرأة.
فبعد ان كان تعليمها مقتصرا على كتاتيب صغيرة بسيطة يأخذ اليها الاهل بناتهم على استحياء ووجل وخجل اصبحت مدارس البنات وكلياتهن مطلبا وطنيا تتنافس مناطق المملكة ومدنها على الحصول عليه.
* وبعد ان كان الآباء يترددون في تسجيل بناتهم في مراحل التعليم المختلفة اصبحوا يتنافسون ويتفاخرون بتفوقهن وانجازاتهن.
* وانتجت هذه النهضة التعليمية المباركة معلمات وطبيبات واستاذات جامعات واخصائيات حاسب آلي واديبات وكاتبات، ينتشرن في مواقع المجتمع المختلفة، ويساهمن في بناء هذا الوطن العظيم وتطويره.
* وكان ان بادرت المرأة الى مواقع العمل، وواجهت ظروفه في ظل تنظيمات واجراءات وضعت اساسا للرجل.
* ويبادر بعض الاخوة الى التعليق على هذا الامر بالتأكيد على مبدأ المساواة الذي تكفله هذه الانظمة والاجراءات:
انطلاقا من فكرة - المكافأة المتساوية للوظيفة المتساوية وهي مساواة لا تزال مطلبا تسعى الى تحقيقه تحقيقا عمليا - كثير من المجتمعات في الدول النامية والمتقدمة، في بعض مواقع العمل وفي بعض القطاعات.
* ويؤكد هؤلاء الاخوة ان اية محاولة لاعادة تفصيل الوظيفة العامة او الوظيفة الخاصة لكي تستوعب ظروف القادمات الجدد الى ميدان العمل ستؤدي الى الاخلال بهذه المساواة.
* وأقول: فليكن ذلك.
* فلتكن هناك لا مساواة لصالح المرأة والى جانبها,, ومعها,.
* لقد فرضت استراتيجيات التنمية على المرأة دورا فريدا متميزا عندما كرست الاسرة كأهم مؤسسة في المجتمع واكدت ضرورة صيانتها وتدعيمها والمحافظة عليها.
* هذه المسؤوليات الخطيرة والواجبات التي تضطلع بها المرأة تستوجب استيعابها في انظمة العمل واجراءاته.
* والمساواة في هذه الحالة خطأ واخلال.
* لقد خلقت هذه المساواة توترا شديدا للمرأة في مواقع العمل، وواجهتها متناقضات مؤلمة بين واجباتها الوظيفية، ومسؤولياتها العائلية - في وقت نحتاج اليها فيه ، ولا نستغني عنها - في المنزل وفي الوظيفة.
* وقد يقول قائل: من لا يقدر على تحمل الحرارة فليخرج من المطبخ .
واقول : لقد فرضت التحولات الكبيرة في مجتمعنا - والتي اشرت الى بعضها آنفا - الحاجة الى المرأة السعودية في وظائف لا بديل لنا عنها فيها.
* فالتعليم النسائي مثلا اصبح معتمدا عليها الا اذا كان القائلون بنظرية المطبخ يشجعون على ان نأتمن تعليم المرأة نهائيا الى غير السعوديات.
* ومجال الخدمات الصحية يستعين بالكثير من بناتنا السعوديات ونحتاج الى المزيد والمزيد منهن.
* فهل نقفل هذا المجال ونستمر في الاعتماد على العمالة النسائية الوافدة بكل ما يترتب على ذلك من تعقيدات؟
* وفي ظل الحاجة الحقيقية والواضحة الى عمل المرأة السعودية لابد من تنظيم عملها، وتغيير انظمته واجراءاته على نحو يزيل هذا التوتر والتناقض الذي نواجهه جميعا، وبحيث تكون اكثر انتاجية في عملها، واقدر على القيام بمسؤولياتها في اسرتها.
* ان من العسير والصعب ان نستغني عنها في كثير من مواقع العمل.
* ومن المستحيل اطلاقا ان نستغني عنها في اسرتها.
* ومهما تكن تكلفة التغيير في انظمة العمل الخاصة بالمرأة فهي كلفة طفيفة اذا ما قورنت بالعائد اسريا ووظيفيا واقتصاديا واجتماعيا.
* لقد رعى خادم الحرمين الشريفين بنات هذا الوطن وافرد لهن في قلبه وفكره مساحة كبيرة، وخصهن بواجبات جسيمة لبناء هذا الوطن العظيم والمحافظة على قيمه وامانيه.
* وسنكون اكثر من مقصرين اذا لم نستجب لهذه التوجهات او نرتق الى مستوى تلك التطلعات.
* هذا انحياز الى النساء امهاتنا واخواتنا ورفيقات دربنا والمؤتمنات على اعز ثرواتنا واغلى امانينا.
* انه انحياز افخر به,, ولا اعتذر عنه.
أنور عبدالمجيد الجبرتي