من ,,, إلى تصاميم منازلنا والتباعد الأسري |
* يمثل تصميم المنزل او السكن قمة رغبات صاحبه او مالكه والغرض الذي يصممه او يطلب تصميمه من اجله فإذا كان المشروع أياً كان حجمه يتم تصميمه على أساس اعداده للاستثمار فإنه يضع في مقدمة اولوياته من هذا المشروع تحقيق الهدف منه بايجاد عائد استثماري مجز سواء كان تجاريا كبناء محلات تجارية او سكنيا يتكون من عدد من الشقق السكنية ليقوم بتأجيره ويقوم باستغلال اقصى حد ممكن من المساحات لتحقيق هذا الغرض ونفس الشيء اذا كان التصميم لمنزل خاص كسكن له ولأسرته والسؤال المطروح هنا هل عملت تصاميم منازلنا الحديثة منها على ايجاد نوع من التباعد في العلاقات الاسرية بين افراد الاسرة داخل المنزل الواحد بما ضمته هذه التصاميم الحديثة من اجنحة متباعدة حتى اصبح كل فرد في المنزل يعيش بجناح مستقل لوحده ساعد على ذلك اختلاف الاتجاهات والاهتمامات بين افراد الاسرة الواحدة فتجد الاب مثلا موظفا والام مدرسة والابناء كل يدرس بقسم مختلف عن الآخر واصبحت نقطة الالتقاء الوحيدة بين افراد الاسرة على مائدة الطعام او امام جهاز التلفزيون لدقائق معدودة وقد لا يجتمع كل افراد الاسرة في وقت واحد خصوصا اذا كان عددهم كبيرا وحتى وان حصل هذا الاجتماع فهو لدقائق معدودة تختفي معها لغة الحوار المشترك خصوصا بين الآباء والابناء وشيئا فشيئا حتى تصبح العلاقة روتينية مع الأيام.
وبالتالي حتى داخل المنزل اصبح يشكل لكل فرد مع ساكنيه عالما خاصا يحيط به غرفته او جناحه بالاضافة الى ان كثيرا من المساكن لا يوجد بها اي اماكن لمزاولة اي نشاطات او هوايات رياضية او جماعية بين افراد الاسرة يجتمعون حولها او يمارسونها وافتقدت كثير من البيوت ذلك الفناء الذي كان يتوسطه غرف بيوتنا القديمة وتطل عليه جميع غرف المنزل وتلتقي فيه ممراته ليشكل نقطة التقاء لكل من يعيش داخل المنزل ويجعلهم على اتصال مستمر ببعضهم البعض في كل تحركاتهم ليخلق بينهم فرصا عديدة للالتقاء اللاشعوري وتعزيز الكثير من الروابط الاسرية التي بدأت تختفي خلف اجنحة تصاميمنا الحديثة بجدرانها وابوابها المغلقة على من فيها.
اننا بحاجة الى اعادة صياغة مفرداتنا البنائية والعمرانية بما يتناسب مع وضعنا ومجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا وان تكون لنا هويتنا العمرانية ومظهرنا الداخلي والخارجي في منازلنا بدلا من ان نكون حقل تجارب للمدارس الهندسية العالمية وهذا يقع بالدرجة الاولى على عاتق مهندسينا ومصممينا المعماريين من جهة ومن جهة اخرى على كل من يرغب بإنشاء بناء جديد سواء اعده للاستثمار او للسكن الخاص.
أحمد الأحمري
|
|
|