عبدالمجيد عبدالله وعملية اقتحام الباب المغلق |
النقاط المضيئة في حياة الفنان عبدالمجيد عبدالله كثيرة رغم تجربته الفنية الأقل عمرا مقارنة بعدد من نجوم الغناء الذين بدءوا المشوار قبله؛ وتبدو جاذبية تلك النقاط في مجموعة من الأغنيات ذات النفاذ الأكثر الى قلوب الناس وشد انتباههم على المستوى المحلي والخليجي والعربي فجعلت من صاحبها حاضرا بملامح محددة وشديدة الوضوح في الأغنية العربية بصورة عامة بل وجعلت تصنيفه من فئة الفنانين الأوائل والمطربين المرموقين أمرا غير مستعص على من يفعل ذلك مستندا على شهرة واسعة ورواج ملموس لتلك الأغنيات المضيئة.
ووصل عبدالمجيد عبدالله الىالمكانة المتقدمة بين مطربي العالم العربي في وقت قياسي اعتمد فيه على مفاهيم عقلية ومنطقية أمكنه حراكها وتغييرها حسب أهميتها ومناسبتها لأهدافه المحددة سلفا وهي أن يكون صاحب خصوصية تمنحه التفوق الأكيد وعلو الكعب.
المنطقية التي اتبعها عبدالمجيد عبدالله كاستراتيجية لتحقيق أهدافه سببت له كثيرا من المشاحنات بلغت حد الخصومة الشديدة في بعض الأحايين من فنانين كانوا يرون ان استمرار نجاحه مقيد بما يقدمونه له من ألحان,, لكنه كان يخالفهم في السلوك ويتصرف كعصفور حقيقي .
بدأ صيت عبدالمجيد عبدالله في أعقاب غنائه أغنية من الحان سامي احسان عنوانها سيد أهلي ونالت في حينها نجاحا كبيرا لفتت انتباه الجمهور الى المطرب الجديد لكن الأمر بالنسبة اليه كان مختلفا إذ أزاح نجاح سيد أهلي عنه الكثير من غموض وأسرار النجاح فقد أدرك ان الناس تتقبل العمل الجيد وان للجودة مكانا لدى الناس في كل مكان وزمان كما ان تقديمها ممكن من كل مجتهد ومتفائل,, حتى ان مطربا صاعدا مازال في خطوته الأولى يمكن ان يجد له موقعا هاما بين المتميزين اذا اتصف عمله بالجودة,, وبدا المطرب الصاعد الصغير حينها فنانا طموحا يبحث عن مكان لا يسبقه فيه أحد، أغراه النجاح ببذل المزيد من العمل والبحث عن نجاحات لا تنتهي إلا ان فترة الصفاء مع الفنان سامي احسان لم تستمر كثيرا وظهر ما عكر ذلك الصفاء, والسبب ان استراتيجية عبدالمجيد عبدالله عصفور الفن مصممة على ان ينحاز الى اللحن المميز وليس الى الصديق المميز حتى لو سبب له ذلك خصومات فخرج من خلال تبنيه لهذه الاستراتيجية من دائرة سامي احسان ليلتحق بتجربة جديدة ويبدأ مرحلة أخرى من النجاح مع خالد الشيخ استمرت تلك الفترة حتى أخذ عبدالمجيد منه أجمل ما يمكن ان يعطيه خالد فعبدالمجيد يبحث عن المجد ويميل الى التأنق في عرض أغنياته فكانت محطته التالية مع الملحن صالح الشهري الذي أعلى كثيرا من قدر عبدالمجيد عبدالله ولاسيما في الأغنية الشهيرة رهيب فشكلت نقلة غير عادية في حياته، صحيح ان هناك ظروفا كثيرة ساعدت في ذلك النجاح غير المسبوق لكل من الملحن والمطرب مثل وجود الفضائيات العربية والتقنية العالية المستخدمة في تنفيذ الأغنية حتى قيل ان كلفة مجموعة الألبوم الذي ضم رهيب وصل الى 750 ألف ريال لكن تلك العوامل جاءت للافادة من عمل قوي لذاته في الأصل.
لقد كانت رهيب نموا جديدا في مكانة عبدالمجيد عبدالله اضاف الى جمهوره في المملكة وبقية دول الخليج جمهورا جديدا في الوطن العربي، إلا ان تجاربه مع صالح الشهري التي تلت رهيب دفعت به الى تكرار البحث عن ملحن آخر كما فعل قبلا مع سامي احسان وخالد الشيخ وهو هروب منهجي يتوافق واستراتيجيته في البحث دوما عن اللحن الأحسن فتوجه الى ممدوح سيف وهو توجه يشبه عملية اقتحام باب مغلق,, لأن الرصيد الفني لممدوح سيف لا يقارن بالأرصدة الفنية للملحنين الكبار الذين ضخوا أعمالا استثنائية في مسيرة عبدالمجيد عبدالله الغنائية لكنه قام بالفعل الذي انطوى على تفاؤل مفرط وغنى طيب القلب وكان لها من الصدى الايجابي ما أكد على انه لم يقتحم بابا مغلقا لكنه اتجه الى فنان شاب له روح العصر هو ممدوح سيف وانه أي عبدالمجيد عبدالله ينتمي الى ذلك الفصيل الفني من ذوي الحنكة أمثال محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ ومحمد عبده,, فصيل يتحرك ضمن استراتيجية لبلوغ أهدافه ليكون الفنان من ذوي الخصوصية الجميلة وليس مغنيا له رقم قابل للتذبذب في بورصة مليئة بمغنيين,, يغنون ويغنون من أجل ان يكون لهم سعر فني قد لا يكون.
محمد باجنيد
|
|
|