عندما تسير قافلة الحروف نحو الشعر، فإن مساعد الرشيدي هو بمثابة (حادي العيس) نحو ربيع مقفر في ليل مقمر لقمره هالة من الأساور الذهبية ولأنه كما ذكرنا تعالوا معنا يداً بيد، نبلل (أقدامنا) في ندى العشب الذي يسرح ذوائبه بسيف العشق.
لست أدري من اين أبدأ وإلى اين انتهي في حديثي عن ديوان هو من أكثر الدواوين زهواً بالشعر والحب,, فالأهداء في (سيف العشق) جاء متوجاً بصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، هذا الإنسان نحبه جميعا ونحترم مواقفه الناصعة تجاه الشعر الوضاء الذي تجيش به المواهب المتوهجة.
أما مقدمة الديوان فقد جاءت بقلم احد جهابذة النقد والأدب في مجال الشعر الشعبي ومراحل تطوره ألا وهو أحد أساتذتي في هذا المجال د, سعد الصويان, وإن كانت لي ملاحظة بسيطة فهي تكمن في وضع مجموعة من الشعراء في سلة واحدة من خلال مقدمته للديوان المشار إليه، علماً بأن الشعراء الذين استجمع اسماءهم في بداية المقدمة تتفاوت مستوياتهم ومذاهبهم الشعرية, ولكيلا أجحف بحق استاذي (الصويان)، يتبادر إلى ذهني حديثه عن الرائع (مساعد الرشيدي) والنقلة النوعية في (الشعر العامي) التي جاءت على يد (مساعد) وأمثاله وإنني بهذا أوافقه الرأي إلى حد بعيد لكنني أقول إن الحركة الحديثة في الشعر العامي قد سبقت الفترة التي أشار إليها بالمقدمة, وأنا هنا اتفق معه على أن حركة التجديد ونقل القصيدة من (الرجم) قد جاءت على يد الأميرين عبدالله الفيصل وخالد, ولا اتفق مع كاتب المقدمة على الأسماء التي جعلها ملحقا للمبدعين عبدالله وخالد، إذ إن الأسماء التي أوردها الصويان لم تأت إلا في وقت متأخر عن حركة التجديد وان الحركات التجديدية لا يكوّنها شاعر أو شاعران أو ثلاثة ولكن تتكون بحكم الحتمية التاريخية والحتمية الفلسفية لهذا استطيع القول إن الأمير عبدالله الفيصل والأمير سعود بن محمد قد توجسوا حتمية التجديد قبل غيرهم من الشعراء وعلى ضوء ابداعهما جاءت حركة التجديد على يد الأميرين خالد الفيصل وبدر بن عبدالمحسن وكذلك الأمير سعود بن بندر ثم راشد بن جعيثن,, والحميدي الحربي,, ومتعب العنزي وعناد المطيري وماجد الشاوي و أنا العبدلله، ومسلم البحيري وهزاع بن زيدان وطلال السعيد وسالم أبو جمهور من الامارات, هؤلاء هم من وجهة نظري كشاهد على تلك المرحلة وكذلك وهي وجهة نظر العديد من النقاد الحقيقيين هم الذين بادروا بالتجديد بسبب تلك الحقبة الزمنية التي توافد فيها شعراء البادية إلى المدن وجاء على أثرها التلاقح الشعري الذي ساهم في التجديد وهي فترة السبعينيات حتى بداية الثمانينيات أي بمعنى أن الذين أورد اسماءهم (الصويان) بعد الأميرين عبدالله الفيصل وخالد قد جاءوا في وقت متأخر عن مرحلة التجديد في القصيدة العامية, ويجب على أي ناقد أن يراقب الفترة الزمنية ويرصدها بدقة وكذلك عليه مراعاة الحتمية التي أوجدت التجديد.
سيف العشق
يقع الديوان في 164 صفحة من الحجم المتوسط وهو يزخر بروائع شاعره (مساعد الرشيدي) ولعل اللافت للنظر أن بعض قصائد مساعد التي نشرت في بعض الصحف لم تدخل الديوان على الرغم من جودتها.
أما القصيدة التي سمي عليها الديوان فقد وردت بشكل متقطع في المقدمة وكاملة داخله ومنها
ما قلت لك عمر سيف العشق ما يقتلك ما تشوفني حي قدامك وأنا أموت فيك |
ولعل مساعد الرشيدي هو أول من حافظ على نسب القصيدة وسلالتها وهذا تفرد ربما له ما يبرره عندما قال
يا قصيدي كان الاشعار سادات وعبيد والله إنك من بحورٍ عريب جدها |
وفي الديوان روائع وإنما ينقص بعض أبياتها التركيز من الشاعر على صحة المعنى كقوله
جادلٍ كل الدروب المعشبة تنبت باثرها جت تبي جرح وقصيد وخلت الثنتين ليه |
هنا أعلاه اخطأ الشاعر في صدر البيت ولو كنت مكانه لقلت
جادل كل الدروب (المجدبه) تنبت باثرها جت تبي جرح وقصيد وخلت الثنتين ليه |
إذ إن الدروب المعشبة ليست بحاجة إلى العشب.
ولكن كما قيل لكل جواد كبوة وهذه لا تجعلنا نقلل من قيمة الإبداع الشعري الذي يزخر به ديوان سيف العشق.
فاضل الغشم