جائزة الأمير سلمان لحفظ القرأن الكريم وأثرها في تربية النشء والشباب |
لا يخفى على احد من اهل الايمان عظيم قدر القرآن الكريم حيث وصفه رب العزة والجلال بأكرم الصفات واجلها، كما وسمه لباغيه بأحسن السمات وفقد تعددت الآيات في ذلك المقام، فمنها ما خوطب به النبي - صلوات الله وسلامه عليه - مثل قوله تعالى (وهذا كتاب انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه) (الانعام الاية 92) ومنها ما عظم الوقت الذي انزل فيه القرآن ومنها ما جاء تعظيماً وتفخيماً لأمره من خلال القسم به والتذكير بثقله لكل عبد اواب، كما نبه على شرفه، ونظراً لقيمة القرآن فقد حرسه الله من ان يعبث فيه الملحدون .
فقد قال تعالى: (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) (الحجر الآية 9) والآيات الكريمة في هذا المقام كثيرة ويضيق عن الاشارة اليها المقام.
وقد أكدت السنة المطهرة هذا من خلال الاحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على فضل قراءة القرآن، وثواب هذه القراءة، فعن الحارث بن عبد الله الأعور الحمداني قال: (مررت في المسجد فاذا الناس يخوضون في الأحاديث؟ قال: اوقد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: اما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: انها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره اضله الله, وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم) (رواه الترمذي في سننه 4/345، وابن شيبة في مصنفه 10/482، والدرامي في سننه 2/312).
وقد تواترت الأحاديث التي تحض على قراءة القرآن الكريم، وحفظه، وتعلمه، والاجتماع على مدارسته، من هنا عني المسلمون بقراءته، وحفظه، وتفسيره في مختلف العصور، ومن خلال هذا التوجيه الايماني يأتي اهتمام المملكة العربية السعودية التي يمثل القرآن الكريم دستورها والمصدر الاول والاساس لقوانينها، من خلال نشائها لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في طول البلاد وعرضها.
وهذه الجمعيات علاوة على ما تقدمه من جهود فانها تحافظ على وقت الناشئة من ان يبذلوه فيما لا يفيد وتحرص الدولة على دعم هذه الجمعيات بما يلزمها من معونات مادية وبشرية تيسر لها اداء مهامها على خير وجه، وتشجع الدولة الناشئة على الالتحاق بهذه الجمعيات، وذلك من خلال ابراز نشاطات هذه الجمعيات في وسائل الاعلام المختلفة، كما تحرص الدولة على تخصيص موجهين مستمرين من ذوي الكفاية لقيادة تلك الجمعيات نحو الافضل وذلك بابراز نشاطات الجمعيات ومكافأة الناشئة المبرزين الذين يتفوقون في حفظهم وترتيلهم.
وتهدف المسابقات الى تنمية حب كتاب الله، وحفظه ومدارسته في قلوب الشباب المسلم على اختلاف قدراته وحفز همم هؤلاء الشباب وجعلها همماً عالية لا تصبوا الا الى القمم كما انها تصرف هممهم الى كل ما هو مفيد وتنأى بهم عن كل ما لا فائدة فيه.
والمملكة في هذا الاطار لا تتوقف جهودها على اقامة مسابقاتها الداخلية للقرآن الكريم ومسابقتها الدولية، بل انها تحرص على مساعدتها بدعم ومؤازرة من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله الذي يضيف كل يوم عملاً جديداً الى سجل اعمال قيادته الرشيدة ويتواصل العطاء لتأتي مبادرة صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبد العزيز آل سعود بتخصيص جائزة سنوية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره على مستوى المملكة، وتمويلها من نفقته الخاصة جزاه الله خيراً واجزل له المثوبة، وتأتي هذه المسابقة منسجمة مع الأهداف العامة لمسابقات القرآن الكريم بوجه عام، ومتطابقة مع اهداف مسابقة القرآن الكريم على مستوى المملكة بوجه خاص، من خلال تعدد مسابقات القرآن الكريم على المستوى المحلي للمملكة في ظل الرعاية والاهتمام المطلق الذي يوليه ولاة الأمر لخدمة كتاب الله عز وجل وتشجيع الناشئة على تعلم القرآن وحفظه ووضع الحوافز المشجعة لهم.
ومن تمام فضل الله - سبحانه وتعالى - ان من على هذا الرجل بأن جعله محباً لكل ما يرفع شأن الاسلام والمسلمين من اغاثة ودعوة وتعليم وغيرها من الأعمال الريادية التي يقوم بها سموه لخدمة الاسلام والمسلمين في كافة انحاء العالم ادراكاً منه لأهمية دور المملكة في خدمة الاسلام والذي يجسده الدور النبيل والفعال الذي يقوم به صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبد العزيز بكل ما تعنيه الكلمة.
ان جائزة سموه في مجال حفظ القرآن الكريم وتشجيع الشباب على حفظه ومعرفة معانيه ولا يسعنا في النهاية الا ان نسأل الله عز وجل ان يجزي سموه خير الجزاء وان يجعله كما تعودنا منه دائماً مفتاحاً للخير وحاملاً لهموم الأمة وان يجعل كل ما يبذله في سبيل الاسلام والدفاع عن عقيدته الطاهرة في ميزان حسناته.
* وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والارشاد والدعوة المساعد لشؤون الدعوة
الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله العمار *
|
|
|