المرأة المسلمة الشيخ/ مناع بن خليل القطان |
لقد جرت العادة أن يكون الاختيار في الزواج للرجل، فهو الذي يطلب النكاح ويرغب فيه فيختار من تتوافر فيها الصفات المرغبة في زواجها، او من تترجح على غيرها في ذلك على النحو الذي سبق ان بيناه في ضوابط هذا الاختيار، التي ارشدت اليها السنة النبوية صراحة او دلالة، ويتوهم اكثر الناس ان المرأة ليس لها ان تختار الرجل الذي يرغب في ان يتزوجها وكيف يكون هذا الاختيار؟ وما الذي يعقبه اذا صح لها ذلك؟,ان السنة النبوية دلت على ان المرأة لها ان تختار من ترغب في ان يتزوجها فقد عقد الامام البخاري في صحيحه بابا بعنوان عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح وذكر في هذا الباب حديثين يدلان على ذلك.
الحديث الأول: ما سمعه ثابت البناني عن انس قال: قال ثابت: كنت عند انس وعنده ابنة له، قال انس: جاءت امرأة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها قالت: يا رسول الله الك بي حاجة؟ فقالت بنت انس: ما اقل حياءها واسوأتاه قال انس: هي خير منك رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها .
والحديث الثاني: الحديث المشهور في المرأة التي وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبة في زواجها.
وكلا الحديثين يدل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل، وتعريفه رغبتها منه، وانه لا غضاضة عليها في ذلك بالوسيلة المحتشمة التي تؤدي الى اظهار رغبتها وهذا امر يدعو الى توثيق عرى الحياة الزوجية عن رغبة متبادلة وحب من طرفي الاسرة وغلبة الحياء على المرأة لا ينبغي ان تكون مانعاً يمنعها من حسن الاختيار في عشرة يقصد بها وضع لبنة في المجتمع يتربى في كنفها اجيال الأمة.
اما الرجل الذي تعرض المرأة نفسها عليه فله ان يرضى وله ان يرفض ليكون الاختيار متبادلاً واذا رضي فبها ونعمت واذا لم يرض فلا ينبغي ان يصرح لها بالرد حفاظاً على حيائها، وتجنباً لما يجرح شعورها، بل يكتفي عند الرفض بالسكوت، لأن سكوته الين في صرف المرأة واخف وقعاً على نفسها.
وعرض المرأة نفسها على الرجل الذي ترغب في ان يتزوجها مشروط بأن تكون صفات هذا الرجل مرغوبة في الدين كالصلاح والعلم والشرف والجهاد الدعوي والانفاق في سبيل الله وفعل الخير يدل على هذا عنوان البخاري للباب وواقع الحال في الحديث، اذ الرسول صلى الله عليه وسلم في الذروة والبخاري في جعله عنوان الباب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح يشير الى انه يشترط صلاح الرجل لجواز ان تعرض المرأة نفسها عليه، ولا عار عليها في ذلك، اما ان تعرض نفسها على الرجل لأجل عرض من الاعراض الدنيوية كالجاه والسلطة والثراء ونحو ذلك فهذا قبيح لا يقبل من امرأة مسلمة.
وعلى المرأة التي عرضت نفسها على من ترغب في ان يتزوج منها بعد ابداء رغبتها ان تبتعد عنه بعد ذلك فانه ان كان وافق وكان صادقاً فعليه ان يتقدم لوليها لخطبتها وعقد النكاح عليها، ولا يجوز لها ان تختلي به او تخرج معه او تتحدث اليه كما يفعل بعض المتحررين في هذا العصر وقد يكون اختيار المرأة اختياراً غير مباشر حين يخطبها الرجل من وليها ويستأذنها الولي بالزواج من هذا الخاطب فترضى وتوافق وهذا هو المتبع غالباً ويعد هنا اختياراً عن طريق وليها.
|
|
|