نقاط فوق الحروف فلا تظلموا فيهن أنفسكم |
قال تعالى: (ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم) فدلت هذه الآية على ان عدة الشهور اثناء عشر شهرا منها اربعة حرم (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) قال بعض العلماء ان الضمير يعود الى اقرب مذكور وهي الاربعة الحرم، وقيل ان الضمير من باب عطف الخاص على العام فلا يمنع من التحذير من الظلم في الشهور كلها، والظلم ثلاثة انواع:
1 - ظلم العبد لنفسه,, يقول الله تعالى: (قد افلح من زكاها، وقد خاب من دساها) يقول ابن القيم من اخسر الناس قاطبة من اشتغل بنفسه عن ربه، فجلس يأكل ويطعم ويجمع المال، ويعطي نفسه شهوتها، وينسى ربه ومن هنا فانها لا تقسو القلوب الا من شدة حب الدنيا وطول الغفلة وقلة الذكر لله، ولهذا لما اشتكى بعض الناس من فساد قلبه قال له العلماء فتش عن قلبك فلعلك ضيعت حقا من حقوق الله، او انتهكت حدا من حدوده، فلعلك تركت صلاة فصعدت الى السماء فقالت: ضيعك الله كما ضيعتني.
ان ظلم النفس قد يحصل بترك امر من اوامر الله، او بانتهاك حد من حدوده، فكم ذنب يسير قاد الى ذنب خطير او جلب لصاحبه سوء الخاتمة.
2 - ومنه ظلم العبد لربه، يوم يوجدك الله من العدم، ويربيك بجميع النعم، ثم تستعمل نعمه في معاصيه، يقول سبحانه في الحديث القدسي,, اني والانس والجن في نبأ عظيم، اخلق ويعبدون غيري، وارزق ويشكرون غيري ، خيري اليهم نازل، وشرهم الى طالع ، اتحبب اليهم بالنعم ويتبغضون اليّ بالمعاصي .
فظلم العبد لربه ظلم عظيم، وخصوصا الشرك، يقول الله سبحانه وتعالى: يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم ولهذا لا تزال النفس تلتفت الى غير الله ما خوفا منه او رجاء له ، ولذلك لا يزال العبد مفتقرا الى تخليص توحيده من شوائب الشرك، واذا حقق العبد لا اله الا الله في قوله، خرج من قلبه تأله ما يهواه وصرفت عنه المعاصي السوء، ومن هنا فانه بحسب تحقيق التوحيد تكمل الطاعة لله.
3 -ظلم العبد للعباد، وكل الذنوب تغتفر ما عدا الشرك وحقوق الناس، واحب العباد الى الله من قام بحق ربه، وقام بحق خلقه، قال احد العلماء لما اشتكى اليه فساد القلب، قال فتش عن حقوق الله او فتش عن حقوق العباد.
فان العبد قد يؤذي مسلما في عرضه فيغضب الله عليه فيوجب له سوء الخاتمة فلا يزال الله يستدرجه بالمعاصي حتى يلقى الله على معصية.
ومن هنا فاننا ندعو اخواننا الى التوبة الصادقة والرجوع الى الله ، واذا بلي العبد بالذنوب فعليه بالتوبة كلما امسى واصبح وكلما نام واستيقظ، فمن الناس من ينام على معصية، فلا يؤمن عليه سوء الخاتمة، ولذا كان من هديه صلى الله عليه وسلم الاستغفار ثلاثا عن النوم (استغفر الله العظيم الذي لا إليه الا هو الحي القيوم واتوب اليه) فلا تنام الا تائبا نادما منيبا الى الله,, ففي الحديث ان العبد اذا استغفر الله، قال الله عبدي علم ان له ربا يأخذ بالذنب ويعفو عن الذنب قد غفرت له، ثم اذا عاد في المرة الثانية قال الله عبدي اذنب وعلم ان له ربا يأخذ بالذنب ويعفو قد غفرت له وليفعل عبدي ما يشاء وليس معنى ذلك فتح باب الذنوب ، لكن معناه انه كلما اساء وندم وطلب المغفرة فانه يغفر له.
عبدالرحمن التركي
رئيس هيئة الشعف
|
|
|