نور الحق الالتزام بالاسلام (3) الشيخ / عبد الله بن صالح العبيلان * |
الحمدلله والصلاة والسلام على رسوله الله وبعد:
تناولت في الجمعتين الماضيتين أمرين مهمين من ثلاثة أمور لا يكون المسلم بغيرهن ملتزماً بالاسلام وسوف اتناول في هذه الجمعة الأمر الثالث وهو:
لزوم فهم السلف الصالح (والمراد من ذلك) ما كانوا عليه عن عقيدة وعمل ويبين هذا: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ان خير القرون القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان خير القرون قرنه مطلقاً وذلك يقتضي تقديمهم في كل باب من ابواب الخير والا لو كان خيراً من بعض الوجوه فلا يكونون خير القرون مطلقاً.
ويبين ذلك ايضاً: قول الله تعالى (السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابداً ذلك الفوز العظيم) (التوبة/ 100) ووصف الله من اتبع السلف الصالح بالاحسان وجازاهم بالرضا ودخول الجنان والاتباع المراد هاهنا موالاتهم وبغض من عاداهم والتزام ما كانوا عليه من العلم النافع والعمل الصالح.
وقد جاء في الآثار ما يدل على ذلك, قال عبد الله بن مسعود: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) رواه احمد والطبراني في الكبير وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح، وقال ايضاً: (اياكم والتبدع، واياكم والتنطع، واياكم والتعمق وعليكم بالدين العتيق) رواه الدارمي والآجري في الشريعة وقال ايضاً: (انا نقتدي ولا نبتدىء ونتبع ولا نبتدع ولن نضل ما تمسكنا بالأثر) ذكره اللالكائي في شرع اصول الاعتقاد.
قال ابراهيم النخعي: (لو بلغت عنهم يعني الصحابة انهم لم يجاوزوا بالوضوء ظفراً ما جاوزتهم به وكفى على قوم وزراً ان تخالف اعمالهم اعمال اصحاب نبيهم صلى الله عليه وسلم).
وقال عمر بن عبد العزيز: انه لم يبتدع الناس بدعة الا وقد مضى فيها ما هو دليل وعبرة منهاو والسنة ما سنها الا من علم ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق فارض لنفسك ما رضى القوم.
وقال ايضاً: قف حيث وقف القوم وقل كما قالوا واسكت عما سكتوا فانهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا وهم على كشفها كانوا اقوى، وبالفضل لو كان فيها احرى، فلئن كان الهدى، ما انتم عليه فلقد سبقتموهم اليه ولئن قلتم: حدث بعدهم فما احدثه الا من سلك غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم وانهم لهم السابقون، ولقد تكلموا منه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر ولا فوقهم مجسر، ولقد قصر عنهم قوم فجفوا وطمح آخرون عنهم فغلوا، وانهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم) وقال ايضاً: كلاماً كان مالك ابن انس وغيره من الائمة يستحسنونه ويحدثون به دائماً قال: (سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لولاة الأمر بعده سنناً الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعته وقوة على دينه ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي من خالفها فمن اقتدى بما سنوا فقد اهتدى ومن استنصر بها فهو منصور ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين (الصحابة) ولاه الله ما تولى واصلاه جهنم وساءت مصيرا رواه الآجري في الشريعة وذكره الخطيب في الفقيه والمتفقه.
* المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة حائل
|
|
|