Friday 5th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 17 ذو القعدة


رياض الفكر
العناية بالسنّة عناية بالقرآن
سلمان بن محمد العُمري

ان من الخصائص التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية دون سائر البلدان الاسلامية الاهتمام بالقرآن الكريم، والسنّة النبوية المطهرة بصفتهما مصدرين للتشريع، وكان من ثمرات هذه الخصوصية تحقيق الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في بلادنا انجازات جليلة يشهد لها اليوم مانجده من انتشار واسع لتلك الجمعيات، واقبال شديد منقطع النظير عليها، لانجده في اي من الاقطار الاسلامية الاخرى، ولاغرابة في ذلك، فالمملكة كانت - ولاتزال وستبقى، باذن الله - محط انظار المسلمين في ارجاء الارض قاطبة.
ان الدعم الذي تتلقاه تلك الجمعيات من حكومة خادم الحرمين الشريفين ممثلة في وزارة الشئون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، ومن اهل الخير والاحسان من ابناء هذا البلد المعطاء جعل تلك الحلقات التي تشع بنور القرآن الكريم، تنتشر في ربوع المملكة كافة، تشجيعا للاولاد من البنين والبنات على الاقبال على كتاب الله الكريم تلاوة، وحفظا، وتعلما، وتدعيما لإقامة شرع الله تعالى، وطمعا بالحصول على الرفعة الموعودة، والسمو الذي لايدانية شيء حيث يقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) رواه مسلم.
ان النجاحات العظيمة التي حققتها ، وتحققها جمعيات تحفيظ القرآن المنتشرة في مناطق المملكة الثلاث عشرة هائلة بكل المقاييس، ومن هنا اجد نفسي اقف للحظات عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنّتي).
وهاهي الجمعيات تحقق ما امرنا به رسولنا الكريم من تمسك بالكتاب، وهو الشطر الاول من تركته - صلى الله عليه وسلم - ولكن ما احلاها على القلوب، وألذها على العقول عندما يمتد الاهتمام وتتسع العناية والرعاية لتطال سنّة خير الانام المطهرة التي ترتبط بالقرآن بأوثق العرى، واوطد الوشائج، فهي المفسرة لكتاب الله، والموضحة لمعانيه ومقاصده ، والمبينة لمجمله.
ولاشك ان بعض الجمعيات تفعل ذلك ، وتهتم بحفظ الاحاديث النبوية الشريفة، ولكن بشكل لا يرقى للمطلوب، وربما يقتصر جل تلك الجمعيات على تعليم القرآن الكريم فقط، وقد يعود ذلك - اولا واخيرا - الى اهمية كتاب الله تعالى ، بالاضافة لعدم توفير الامكانات قديما لتغطية تكاليف الحلق، وما تحتاجه الجمعيات في هذا الصدد، الا انه مع ما اصبحت عليه جمعياتنا اليوم وما وصلت اليه من مراتب راقية، وما يتاح لها من امكانات ومخصصات، تمكنها من القيام بمهامها وواجباتها المباركة، وخاصة بعد تخصيص منح الاراضي الواسعة لاقامة مقرات الجمعيات، والمشروعات الاستثمارية التي ستدر الربح الثابت - ان شاء الله - كل ذلك يجعلنا نرجو الله ان يمكن المسئولين على امور الشباب والناشئة، والمهتمين بتربية الاجيال الصاعدة، من ان يولوا السنة النبوية الشريفة اهتماما مماثلا للاهتمام بالقرآن الكريم، لان السنّة هي المصدر الثاني للتشريع الاسلامي، وهي المبينة والمفسرة للقرآن الكريم، وان تقام مسابقات للسنة النبوية، محلية، ودولية، وان ترصد لها الجوائز القيمة، وانا على يقين من ان هذا الموضوع سينال حظا وافرا من العناية في ظل توجيهات حكومة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - التي تبذل الغالي والنفيس في سبيل تربية الناشئة تربية صالحة، وإعدادهم رجالا صالحين، لخدمة دينهم وامتهم، ووطنهم.
ان حاجتنا وحاجة ابنائنا من الناشئة والشباب - الذين هم جيل المستقبل - تزداد يوما بعد يوم الى الاعتصام بحبل الله المتين، والتمسك بكتابه الكريم وسنّة نبيه - صلى الله عليه وسلم - في عالم تتسارع تطوراته واحداثه ، ويرمي بكل ما لديه من اغراءات وانحرافات وضلالات محاولة استقطاب اجيالنا الصاعدة، وإبعادهم عن الطريق القويم، وذلك عبر كل تقنيات العصر من قنوات فضائية، وشبكات انترنت، ووسائل اعلام مختلفة، ونواد وجمعيات ضالة مضلة، ان كل هذا يجعلنا نرفع ذلك المقترح لجعل هذه القاعدة الصلبة المتينة التي لدينا، ألا وهي جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، توسع مناشطها افقيا وعموديا بحيث يتكامل البنيان، ونساير تطورات العصر، ونخدم ديننا وانفسنا وابناءنا - والله من وراء القصد.
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
فروسية
أفاق اسلامية
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved