مائة عام في أمة ,,وأمة في مائة عام |
نكاد نجزم هنا بأنه لا توجد أمة من أمم العالم اليوم تتواضع إلى أدنى حدود التواضع في إقامة المناسبات والاحتفالات للتذكير بإنجازاتها التاريخية مثل ما تفعل المملكة العربية السعودية, فقد درجت هذه الأمة على هذا النهج منذ أيام مؤسس هذه الأمة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.
لقد أدرك المؤسس الفذ أن التواضع في مثل هذه الأشياء مطلب أساسي ينسجم مع قيم ومبادىء هذه الأمة حيث أدرك رحمه الله أن خير من يتحدث عن تاريخ عن الأمة هو انجازاتها العظيمة دون حاجة إلى مبالغة أو تهويل.
لهذا فإننا عندما نذكر اليوم بمناسبة مثل مناسبة مرور مائة عام على بداية تاريخ تأسيس الأمة السعودية فإنما نفعل ذلك انطلاقا من إيماننا القوي بأن لدينا رسالة قيمة نود أن نوصلها إلى ذواتنا أولاً وإلى الآخرين ثانياً، هذه الرسالة مفادها أننا نريد أن نتحدث عما أسبغه الله علينا من فضل ونعمة خلال هذه المائة من الاعوام وذلك انطلاقا من قوله تعالى: وأما بنعمة ربك فحدث , إننا لسنا بحاجة إلى أن نثبت للآخرين ما أنجزناه على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولا نريد أن نلفت الانتباه إلى عظم الدور وحجم المسؤولية التي تتولاها هذه الأمة بحكم موقعها الإسلامي والتاريخي والجغرافي والعالمي,, إن كل ما نود أن نقوله في هذه المناسبة أننا أمة أسسنا دولتنا على نقاء وصفاء شريعة الله، دولة دستورها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة, إننا في هذه المناسبة نود أن نظهر نعمة الله علينا وأن نشكره على فضله وكرمه.
إننا عندما نتحدث عن مائة عام في أمة وأمة في مائة عام فإننا في الواقع نتحدث عن جانب يسير من تاريخ هذه الأمة المديد بإذن الله وهو تاريخ يمثل نقلة في حياة هذه الأمة في مائة العام هذه,, كثيرة وكثيرة هي الأشياء التي يمكن أن يتحدث عنها الكاتب أو المؤرخ ولكننا هنا نود أن نذكر بثلاثة أشياء فقط، الشيء الأول أننا نريد أن نذكر أنفسنا بفضل الله العزيز القدير الذي جعل بناء هذه الأمة السعودية يتحقق على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لقد أسس هذا القائد دولة لها كيانها ونظامها الحضاري المتكامل، حيث برز فيه التنظيم الإداري المتطور الذي تحددت من خلاله مؤسسات الدولة واجهزتها النظامية والقضائية والتنفيذية حيث تم تسخير هذه الأجهزة جميعا لخدمة مواطني ومقيمي هذا البلد الكريم المعطاء, إن الجزيرة العربية لم تعرف قبل تأسيس الدولة السعودية أي شكل من أشكال الدولة المتكاملة ذات السيادة في ظل اتساع رقعتها الجغرافية وتعدد حواضرها وبواديها حيث استطاع المؤسس أن يجعل من كل ذلك أمة واحدة ذات كيان واحد وولاء واحد.
الشيء الثاني الذي نود الإشارة إليه هنا والذي هو نتاج لتأسيس هذه الأمة السعودية يتمثل في اعتزاز ابنائها بوطنيتهم كسعوديين يحترمون أنفسهم أولاً وقبل كل شيء مما جعل الآخرين يبادلونهم هذا الاحترام ويقدرون لهم هذه المكانة.
إن اعتزاز الإنسان السعودي بوطنيته ماثل للعيان أينما ذهبت وحيثما اتجهت في أرض الله، إذ يفخر هذا المواطن السعودي وهو يتحدث مع من يقابله بأنه من أبناء تلك الجزيرة العربية التي حباها الله بأن جعلها مهبطا للرسالة الإسلامية ومنطلقا لفتوحات المسلمين ومكاناً لأقدس بقعتين على وجه البسيطة وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة, كذلك فإن المواطن السعودي يفخر بأنه من أبناء الصحراء وسيظل كذلك وإن تغيرت اليوم الأحوال وتبدلت الظروف من شدة إلى رخاء حيث لا يزال معتزا بأصله الثابت في الأرض وفرعه في السماء.
الشيء الثالث الذي نود التذكير به بهذه المناسبة هو أن الأمة السعودية حكومة وشعباً تدرك عظم دورها وحجم مسؤولياتها كأمة إسلامية عربية عالمية, لقد أعطيت هذه الثقة والمسؤولية وحملتها بكل اقتدار, فلقد صمدت على مبادئها الإسلامية والعربية حينما هبت ريح التغيير على غيرها فقلبت موازينها وحرفت قيمها وأورثتها الكثير من المتاعب والفتن, لقد أثبتنا للعالم أن من تمسك بحبل الله القويم فلن يخذله الله أبداً والله غالب على أمره, لقد أثبتنا للآخرين أن الثبات على الحق مهما كلفنا ذلك كان ولا يزال وسيظل هو ديدننا في كل خطوة نخطوها حاضرا أم مستقبلا, لقد أثبتنا للآخرين أن منطلق علاقتنا معهم يرتكز على الصداقة والاخوة وأننا نتمتع بالشفافية في هذه العلاقة وسنظل واضحين مع القريب والبعيد مناصرين للحق مهما كلفتنا هذه العلاقة وهذه الصراحة, إننا نعتز كأمة سعودية بمرور مائة عام على تأسيس هذا الكيان العظيم ونفخر بوجودنا وانجازاتنا وطموحنا وسنظل دائماً وأبدا متمسكين بالنهج الذي سلكه مؤسس هذه الأمة وهو نهج الإسلام رافعين أكف الضراعة بأن يحفظ لهذه الأمة قادتها وأن يسدد خطاهم على طريق الحق والعدل وأن يعيد مثل هذه المناسبة مئات ومئات الأعوام وهذه الأمة في عز ورفعة وأمن.
معهد الإدارة العامة - الرياض
د, عبدالرحمن أحمد هيجان
|
|
|