الخط العربي,, بين التحدي والتعدي! |
لاشك في ان الخط العربي يلعب دورا مهما في حياتنا وفي تاريخنا العربي والاسلامي,, فهو الحافظ للتراث الباقي وهو فن الاسلام الراقي وهو الذي دون به كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم), بروائعه ازدانت جدران المساجد والقباب والمحاريب والمتاحف والمعارض وغيرها,, حيث تفوق الفنان العربي المسلم بابداعاته في فن الخط العربي عن الفنون الاخرى,, وقدم رصيدا هائلا باقيا يشهد على قدرته في التميز والابداع ويشهد ايضا على سلاسة وطواعية الحرف العربي في تكوين اشكال ونماذج من الخطوط غاية في الروعة والجمال والتفرد بين الفنون الاخرى.
ويكفي الخط العربي شرفا وفخرا ان اول ما نزل على الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) من قرآن قوله تعالى: (,, اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم),, وانه ذكر في العديد من الآيات، وان الله سبحانه وتعالى اقسم به وبأداته حيث قال: (ن والقلم وما يسطرون),, وان الرسول (صلى الله عليه وسلم) حث على تعلمه حيث اطلق سراح الاسير من المشركين في غزوة بدر الكبرى مقابل تعليمه عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة,, وتلاه الخلفاء الراشدون والصحابة من بعدهم في الاهتمام بالخط والكتابة.
وللخط العربي اهميته الكبرى في التعليم وفي وسائل الاعلام والاعلان وغير ذلك,, ومع التقدم التكنولوجي الهائل لآلات الطباعة ودخول عصر الكمبيوتر,, بدأت الاستعانة لكتابة (مانشيتات) وعناوين الصحف والمجلات بخط الكمبيوتر بدلا من يد الخطاط,, وبدأت تختفي اللمسات الفنية الابداعية لعناوين الصحف شيئا فشيئا لتحل محلها حروف جافة جامدة ليست بها روح ولا حياة بحجة الانجاز السريع للانتهاء من الطبع في اسرع وقت ممكن!!
لقد كنا منذ الصغر نقلد ونحاكي عناوين الصحف والمجلات لكبار الخطاطين الذين كانوا يبدعون فيها مع التزامهم بقواعد الخط العربي التي وضعها الفنان العربي المسلم الوزير (ابن مقلة) وسارت على نهجها معاهد الخطوط في كل مكان من ارجاء وطننا العربي الاسلامي, والان,, نجد التعدي على اصالة خطوطنا ونجد العجب في بعض انواع الخطوط التي ادخلت في برامج الكمبيوتر كالرقعة والفارسي والديواني رغم انها لا تمت الى قواعد الخطوط ولا حتى الاملاء بصلة ولا ترقى للحد الادنى من الذوق الفني في الخط العربي بأي حال من الاحوال!
انني لا اعرف على وجه التحديد مصدر تلك الخطوط ومن الذي وضعها,, ولكنني اقول ان وجود تلك الخطوط ورؤية ومحاكاة شبابنا وناشئينا لها معناه افساد للذوق الفني العربي وابعاد عن القواعد السليمة والاصول العريقة لخطوطنا العربية الاسلامية سواء أكان ذلك عن قصد أم غير قصد.
واناشد كل من هو مسؤول عن هذا الامر وكل غيور على لغتنا وكتابتنا وتراثنا الفني دراسة هذا الامر الخطير,, والعمل على ابدال هذه البرامج ببرامج اخرى يضعها كبار خطاطينا في العالم العربي والاسلامي الذين لهم باع كبير في هذا المجال وتكون هذه البرامج لجميع انواع الخطوط العربية المعروفة والمتداولة الآن بقواعدها السليمة وبجمالها المعروف.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد لامتنا وتراثنا انه ولي ذلك والقادر عليه.
محمد محمود رطيل
|
|
|