ألوانه مساحة الحلم الصحراوي ,, الفنان التشكيلي الراحل ضيف الله القرني الكلمة حين تتحول إلى كائن يتحرك,, يعزف ويصرخ ليحمل دلالة اللحظة وعمق بنائها
|
،* جدة - احمد صبحي
مما لاشك فيه ان الوقوف عند تجربة فنية تشكيلية مثل تجربة الفنان التشكيلي الراحل ضيف الله
القرني وقفة مهمة لما تعنيه تجربة هذا الفنان من تميز واهمية وتأتي اهمية هذه التجربة من
خلال اعتماد هذا الفنان على الارث الحضاري العميق لبيئته التي أسهمت في تشكيل نسيجه الوجداني
فكريا وانسانيا بالاضافة الى المخزون الهائل من الموروث الشعبي الذي اعتمد عليه الفنان في
صياغة وعيه البصري ورؤيته الطموحة تجاه الكون والجمال برؤية فيها من الصوفية الشيء الكثير,
لقد عمل الفنان ضيف الله على الاهتمام بالخط العربي والحروفية نظرا لما يعنيه هذا المجال
الابداعي من اتاحة فضاءات لونية ومساحات تشكيلية للحلم الصحراوي تطرح القيم الجمالية
والانسانية التي تعتلج في مخيلته تلك المخيلة الخصبة التي عرفت كيف تتعامل وتنهل من هذا
الارث المهم وذلك لتكريس هاجسه البصري في البحث عن حلول بصرية وتشكيلية تؤكد حرصه الشديد على
التعامل مع اللون والخط بدراية الفنان العارف كيف يتعامل مع قماشته ثم يعرف كيف يبني لوحته,
وهو يعتمد في تنفيذ اعماله على الالوان التي تحمل عبق الشرق وحميميته وهذا الدفء الخاص
فلوحاته تحمل نسيجها الانساني بحرفية فتراه يفرش ألوانه على القماشة البيضاء بكل جرأة ومقدرة
تنم عن تراكم معرفي وحضاري ثم تبدأ خطوطه تتوزع بإيقاع بصري يسهم في منح اللوحة حيويتها
فتراها متدفقة بالمشاعر والاحاسيس ونرى ألوانه تحمل انفعالات الصحراء وتوهجها في ذات النسيج
الفكري والانساني لفنان متعطش في سعيه الدائم لإيجاد وحدة ملائمة بينه وبين الوجود بين الكون
من حوله وترى ألوانه الزرقاء والصفراء والحمراء تنهض باتجاه السماء لتعانق الافق الانساني
الذي ترسمه خطوط الفنان ضيف الله وتكويناته وهذه الخطوط الدائرية والمنحنية تؤكد وحدة
الوجود ورؤية هذا الفنان للكون وللشمس ولكل ما هو انساني وحميم,, وهو يعتمد في ايقاعاته
البصرية على النص الديني منطلقا اساسيا ومحورا لأعماله لطرح رؤيته الفنية بروحانية اللحظة في
ذاته على توحده الوجداني والذاتي للتعبير عن نورانية الروح التي تسكنه وتدفعه باتجاه تخليد
هذا الارث الحضاري الذي امتزج بالثقافات الانسانية والبصرية للإنسان عبر التاريخ,
ضيف الله هذا الفنان الذي لا يجد صعوبة في استخدام تقنيات يعالج من خلالها اعماله كأن يفرش
ألوانه المكتظة بالحب على سطح قماشته ثم يبدأ مثلا بالحك باستخدام آلة حادة للوصول الى حلول
بصرية وجمالية ولإبراز حروفيته وكتاباته ونصوصه مؤكدا بتلك اللمسات اللونية وتلك الضربات
القاسية والسريعة للريشة التعبير عن انفعالاته وقدرته على التعامل مع النص الديني والتعامل
مع الحروفية بجرأة واضحة متكئا في ذلك على الرموز والاشارات التي يستلهمها من ثراثه الشعبي
والحضاري منطلقا بلوحته التي تأبى الوقوف فستنهض فضاءاتها وتخلق عوالمها الكونية فترى ألوانه
صريحة قوية متعطشة للانطلاق والغوص في اعماق المعرفة البشرية,
ان يتعامل مع الحرف العربي بحيوية واضحة فتراه يؤكد اصالته وانتماءه الحقيقي والحميمي لتلك
الحروف التي تتعانق على سطح لوحته لتشكل النبض الداخلي لروحه المتوثبة الى مزيد من الانعتاق
ثم الى التواصل الوجداني مع المعطيات البصرية لتلك المساحات التي تتألف من خلالها عناصره
التشكيلية,
هناك في انغماسات الروح وفي التأصيل التراثي والانساني وفي مغروفاتنا القادمة من صحراء الذات
هناك حيث الكون يقبع بانتظار النبض الحقيقي لانفعالات الفنان في صراعه الدائم مع السمفونية
الخاصة بالحزن الشرقي ينطلق الاحمر المتوهج وأصفر الصحراء الموشى ببعض اللمسات من أرزق الروح
ليرسم الايقاعات البصرية الخاصة بالنص الذي يحمل كينونة الفنان وحرصه على تأصيل ذاته من خلال
تأصيل ذلك الارث الحضاري العميق الذي يسكن داخل انفاسنا يرقص معنا ويغني,
تلك النورانية الخاصة التي تبثها فينا أعماله فنتعامل مع خطوطه وألوانه واحاسيسه المبثوثة
على سطح القماش بكثير من التأني والحساسية وهذا ما يؤكد الاصرار الشديد للصياغة الحرفية
والجمالية والفكرية التي تحملها لوحته,
وفي الجانب الآخر من تجربة هذا الفنان المبدع نقرأ في نصوصه التشكيلية اهتمامه الواضح بالخط
العربي والكتابة العربية مركزا على إبراز القيم الجمالية التي يتمتع بها الفن العربي
الاسلامي الذي يعتمد على مقومتين اساسيتين هما الزخرفة والخط - حيث نرى تشكيلاته البصرية
لكلاسيكية الحرف العربي والكتابة مستعملا خطوطا مثل الديواني والكوفي في تداخلات وتناظرات
تعكس مقدار الخصوبة الفكرية والانسانية اللتين يتمتع بهما حيث نرى قوة التكوين والتشكيل
البصري لأعماله من خلال نصوصه الدينية التي نرى براعته في تنفيذها معتمدا على اللونين
المتناقضين الاسود والابيض في تنفيذ تلك الاعمال لتأكيد هاجسه الوجداني في البحث الوجودي
والانساني,
ونستطيع ان نقف قليلا عند الاستاذ هشام احمد بنجابي رئيس مجلس ادارة بيت التشكيليين - جدة
الذي يقول في معرض تقديمه لمعرض الفنان ضيف الله: وعند النظر الى لوحاته نجد ان اللون اساس
في اعماله والحرف موضوع يبدع في تداخلاته وله قراءات ونظرات ثاقبة بحس مرهف، متتبع تاريخ
الفن التشكيلي في العالم العربي والدولي حتى تولدت لديه حساسية النقد الصائب لكل ما يشاهده
ليخدم بلاده وزملاءه الفنانين بقراءاته وتطلعاته,
أعود فاقول لقد اختار الفنان الراحل ضيف الله القرني المجال الابداعي الاصعب فتعامل معه
بجرأة واضحة وبذلك فإن الحركة التشكيلية السعودية استطاعت ان تضيف الى رصيدها البصري تلك
التكوينات الخصبة التي حملتها لنا اعماله وفي تصوري ان هذا الفنان قد اضاف بتلك الاعمال
الكثير من الحيوية والتألق للمحترف التشكيلي السعودي ولو قدر الله له ان يعيش لكان قد قدم
الكثير لما يتمتع به من حسن انساني وفكري واسع وذلك ما اجمع عليه النقاد والمهتمون ولكن
ارادة الله هي الاقوى,ونحن اذ نتناول تجربته التشكيلية فذلك لأننا نرى انها ستشكل يوما ارثا
تشكيليا حقيقيا يسجل في تاريخ الفن التشكيلي السعودي العربي خاصة والدولي عامة مؤكدين على
الاهمية الحضارية والفكرية التي يقف على ضفتها هذا الفنان بكل جدارة ويعانق من خلالها الرموز
الحقيقية التي تستحق الوقوف عندها كثيرا ولاشك,
السيرة الذاتية للفنان الراحل
الفنان ضيف الله محمد عبدالله القرني
عضو بيت التشكيليين
،- الجنسية: سعودي,
،- تاريخ الميلاد: 1389ه,
،- مكان الميلاد: بلقرن,
،- المؤهل العلمي: البكالوريوس,
مشاركاته
،- اقام اربعة معارض شخصية,
،- معرض الفن السعودي المعاصر,
،- شارك في معرض ذاكرة المربع,
،- معرض الخفجي,
،- بيت التشكيليين,
،- معرض المحمل,
،- معرض دلة,
،- معرض الجنادرية,
،- معرض سمارك,
،- معرض البوسنة والهرسك,
،- ومعارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب,
|
|
|