الثقافية - عطية الخبراني
أكد الشاعر محمد إبراهيم يعقوب أنه لا شك أن الدعم الملكي السخي والمستحق للثقافة في الوطن عبر الأندية الأدبية جاء في وقتٍ يتفق فيه جميع المثقفين على أن الثقافة لكي تقوم بالدور المناط بها تحتاج لدعم مادي أكثر مما كان مخصصاً لها طوال سنوات.
ويضيف يعقوب: لكني أعتقد، في ظل انتخابات قادمة، أو هذا ما وعدت به الوزارة على الأقل، أن علينا أن نتريث في ضخ هذا الدعم للأندية الأدبية الآن، وذلك لعدة أسباب يراها يعقوب منطقية تماماً، وتصبّ في صالح الثقافة، وتتوخى الهدف الذي من أجله جاء هذا الدعم أولها: أن الكل يؤمن أن هذا الدعم جاء للثقافة ككل، وإن كان من خلال الأندية الأدبية، وأنه جاء للنادي الأدبي ككيان ثقافي، ولم يأت لمجالس إدارات الأندية بوصفها مجالس إدارة، أي أنّه جاء ليخدم الثقافة عبر المثقفين خارج الأندية الأدبية، وما مجالس الإدارات إلا هيكل إداري يسهم بقدر ما تتمثّل فيه من كفاءات إن وجدت، في خلق حالة ثقافية ما.
وأما السبب الثاني الذي يراه يعقوب فهو أن مجالس إدارات الأندية الأدبية الحالية على وشك انتهاء فترة عملها، بل إن منهم من أكمل فترته، ومنهم من ينتظر - ليس أكثر من أشهر تُعد على أصابع اليد الواحدة - هذا بعد أربع سنوات، عزّزت بسنة تمديد، آمن المتابعون حينها، ولا يدري إن كانوا ما زالوا يؤمنون، أنّها من أجل تهيئة المشهد الثقافي السعودي لجمعيات عمومية، وانتخابات مجالس إدارة، يكون في المجلس منتخب، أي يمتلك (شرعية ثقافية)، إن جاز التعبير، في ظلّ كل هذا، فنحن أمام خيارين -والحديث ليعقوب - إما مجلس نثق به (!!) وبالتأكيد لن يسعفه الوقت لعمل شيء، وإما مجلس لم يقدّم شيئاً في خمس سنوات، فما عساه يقدّم في أشهر، هذا إذا افترضنا أننا نثق بالجميع...!
ويتابع يعقوب سرد أسبابه التي يراها مقنعة لعدم صرف المخصصات للمجالس الحالية قائلاً: ولا أدري هنا إذا كانت الوزارة تستطيع أن تؤكد أنّ هناك انتخابات قادمة، ومتى؟ أم أنها كما كانت تقول دائماً، أنّها تأمل أن تكون هناك انتخابات قادمة، فما هو الفرق بين وزارة وبين مثقف عادي، إذا كان الطرفان يأملان، فمن سيصدر القرار؟!
وفي نهاية حديثه يستدرك يعقوب بقوله: ولكن نقول، إذا أكّدت الوزارة أنّ هناك انتخابات قادمة، فالأكثر منطقية أن يحظى بهذا الدعم مجلس إدارة جديد منتخب من المثقفين، وهم بعد ذلك يتحمّلون نتيجة اختيارهم، بالإضافة إلى وجود جمعية عمومية قوية، تستطيع أن تراقب وتشارك وتتفاعل، وربما تحاسب، وهذا غائبٌ تماماً الآن بالطبع، وبذلك نكون بالفعل قد خدمنا الثقافة، ولم نخدم أشخاصاً، نكنّ لهم كل التقدير والاحترام، لكن لا آلية تعيينهم، ولا أداء بعضهم، وأقول البعض، ولا الوقت المتبقي لهم، يسمح لهم بعمل شيء، وسنكون بذلك أهدرنا فرصة مواتية، لنصنع ثقافة مختلفة مؤثرة وفاعلة ومقنعة.
كما تتفق رئيسة اللجنة النسائية بنادي تبوك الأدبي الدكتورة عائشة الحكمي مع ما يراه يعقوب فتعلق على الموضوع قائلة: بدأت الأندية الأدبية بدراسة الأولويات في الإفادة من هذه الميزانية، وما زالت الأفكار تحت الدراسة، خصوصاً أن بعضها يتصل بالبنية التحتية؛ لذلك نتمنى أن نخطط بحكمة وبصيرة لكيفية الاستثمار، فهي فرصة لإحداث قفزة نوعية لتأسيس صروح ثقافية للحاضر والمستقبل، كما نتمنى أن يسارع الشباب إلى الانضواء تحت أسقف الأندية الأدبية لرعاية إبداعاتهم والإفادة من هذه المخصصات، خصوصاً أن الشباب المبدع هو الهاجس الأول وكيفية إفادته من الدعم، إذ الملاحظ عزوفهم عن التواصل معها، وحين أخذ التفكير يتوجه نحوهم، وقع الجميع في حيرة وتساؤل!، كيف نفيدهم؟ وكيف تستثمر إمكاناتهم؟؟.
وتضيف الحكمي متمنية على الشباب من الجنسين أن يتجهوا بصدق إلى الأندية الأدبية ويطرحوا مشاريعهم وأفكارهم، ففي ذلك إعانة على الخير.
ثم تردف: من هنا أرى التريث والتمهل في صرف المبالغ حتى تكتمل الصورة وتراجع، إلى ما بعد انتهاء الانتخابات المرتقبة، وتحديد المهام الجديدة؛ لأن المال يطير بسرعة، وبسرعة تفتح أبواب إنفاقه، وإذا كان هناك حاجة ماسة للصرف، فأتمنى أن يتم ذلك في حدود، لأن المليون إذا غادر البنك لحقه آخر، ولا بد أن تستخدم المبالغ في مجالات طويلة الأجل حتى تُؤتي أكلها؛ فدوام الحال من المحال، وقد تأتي السنون العجاف ونعود إلى الصفر.
وتختم: بين أيدينا نعمة ينبغي أن نحافظ عليها وأن ننفقها في أوجه إنفاقها الصحيحة.
من جانب آخر يرى رئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور عبدالله الوشمي الدعم الملكي الكريم بعشرة ملايين لكل ناد أدبي دعماً للمسيرة والتاريخ والمستقبل، وليس دعماً مرتبطاً بلحظة تاريخية، ولا بإدارة معينة, مضيفاً: ومن هنا أتشرف نيابة عن زملائي رؤساء النادي السابقين وأعضاء المجالس واللجان جميعاً بأن أتقدم بالشكر لخادم الحرمين الشريفين نظير تقديره لمسيرة الأندية والإيمان بجدواها وأثرها في المجتمع. مشيراً إلى أن مجلس إدارة نادي الرياض الحالي أقر أن يجعل هذا الدعم منصباً في صالح البنية الأساسية للنادي دون أن ينصرف إلى مشاريع مؤقتة مهما كانت قيمتها؛ ولذلك خصص المبلغ لمقر النادي فحسب؛ وذلك ليكون سبيلاً لخدمة المشهد الثقافي كاملاً دون أن يرتبط بسنة أو سنتين؛ حيث إن مقر النادي هو تأسيس لمختلف الأنشطة والفعاليات في السنوات القادمة.
الجدير بالذكر أن وزير الثقافة والإعلام قد أعلن في لقائه المفتوح مع المثقفين والمثقفات أن الأندية أعرف بمصالحها واحتياجاتها وأن الدعم سيصرف فوراً دون تردد، وأن الوزارة مستعدة لأي مشورة أو دعم.