حاولت قبل يومين أن أقرأ مقالا لكاتب عربي في إحدى الجرائد غير أننى فوجئت بالمقدمة تقول: «إن أدب البلاهة الامتصاصي هو واحد من تابو الشيئية التي صارت تتآكل بفعل الطموطمية اللاماركية»!
بالذمة هل هذه مقدمة؟ بل هل هذا تشويق؟ هل فهم أحد شيئا؟ استعراض عضلات ممكن ونصف!
لكن لماذا يستعرض هؤلاء عضلاتهم - ونحن على العموم لا نعرف هل هي رخوة أم صلبة؟- أمام القراء المساكين؟
هناك كتاب ومفكرون وفلاسفة وأدباء مهمتهم الوحيدة في الحياة هي «تعقيد المبسط وليس تبسيط المعقد» كما يقول المرحوم طه حسين. بل إنهم لا يشعرون بلذة في ما ينشرونه سوى أن يجعلوا مهمة القارئ صعبة إلى درجة أن يكره القراءة.
وبعض هؤلاء يعانون من عقد نقص لا تعد ولا تحصى. فأتذكر أننى قرأت كتابا لأديب وقلت له بصراحة شديدة: اعذرني يا صديقي بأنني لم أفهم شيئا على الإطلاق. وقدرت أن الرجل سوف يصاب بإحباط شديد ويزعل منى، لكن المفاجأة كانت أنه فرح إلى أقصى درجة وسألني: لم تفهم شيئا. قلت: آسف. قال وهو يضحك بهستيريا: ها ها.. أشكرك.
عندما حاولت الاستفهام منه عن سبب فرحه بدلا من زعله قال وهو يبتسم ابتسامة المنتصرين: هذا دليل على أن كتابي عظيم.
وزرت مكتبة قبل أسبوعين ووجدت كتبا لا يستطيع الإنسان أن يقرأها حتى من عنوانها مثل: «هيللينستية اليوتوبيا» و «تاريخاينة الجشطلت» و «الامتصاص الثقافي في عالمنا»!
وعدت إلى القواميس والمراجع الكبيرة والصغيرة فلم أعثر على تفسير سوى أن هؤلاء المؤلفين وصلوا بسبب عبقريتهم الكبيرة إلى مستوى الجنون الذي يقولون عنه.
لكن كل هذا يهون أمام خبر أرسلته لي بالبريد الإلكتروني دار نشر محترمة، قالت: إن آخر إصداراتها هو كتاب مهم جدا وخطير واسمه «المنعرج الهرمينوطيقي للفينومنيولوجيا»!
هل هذا كتاب في الفلك أو الذرة ؟ إذا استطاع أحد أن يفك لغز الكتاب الأخير فله مني جائزة بمليون ريال!
Albassamk1@hotmail.com
المنامة