أمن
عبدالله: بعد أن أتم تركيب الباب الضخم لبيته، ووضشع النوافذ الضيقة في أماكنها، وحماها بشبك الحرامي القوي.. تنفس عميقاً، ثم شرع ببناء البيت!..
طيور وأسماك
عدنا من البحر، بعد يوم طويل. لم نصطد سمكة. وأنا أقترب من البيت فر كثير من النوارس من فوق برميل القمامة بجانب الباب، رفرفت قريباً، وأنا أنظر إليها، ثم بدأت تحط حول براميل الجيران.. والجيران.. والجيران..
رائحة
والمبراة تنهش الجسد الخشبي للقلم، فاحت في أنف عبدالله الرائحة: (غرفة الصف الطينية، الثوب البني الذي يلبسه المدرس دائماً، عصاه، المقعد الخشبي المزدوج، وزميله في الدرج دائماً، ضحكاتهم، قفز سريعا.. وراكضا.. سابقاً الكل: كسهم، عندما يصفر المراقب للخروج........،) قرب القلم من أنفه، شم رائحته القديمة، وذهب إلى هناك، راكضاً إلى الخلف، وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة كغيمة عابرة، هز رأسه وهو يبوح في سره: (لم تكن لنا أخزان كثيرة)، غيمته العابرة سقطت على القلم، بالقرب من أنفه، كأنها دمعة!.
صحف
صفحة بالجريدة: وعبدالله يقرأ أخبار القوم.. وقلبه ييبس كل يوم.
صفحة تالية: رسم كبير لكرة، ومنازل القوم تتناثر على التل، والسهل.
صفحة ثالثة: تمتلئ بدماء وجثث.
رابعة: منزل عبدالله، وجهه، وأطفاله، وجيرانه: يمشون في صفحة المقبرة.
صفحة خامسة: وصفحات الجرائد لا تنتهي!.
أزمنة
امتدت يد الوقت قابضة على الفراشة، ساحبة الألوان من ارتعاش أجنحتها. الوردة توقفت عن الضحك، وأخذ أيجها يضمحل واليد تخنقها. الرجل تباطأ، ثم جثا متهالكاً، واليد تتخطاه عاوية في صلابة الصخور.
قلم
الكاتب يدخل في صومعته ويغلق الباب:
- سأكتب قصيدة بالمناسبة!!
يفتح أدراج ذاكرته، يفرك أصابع فرحه، ويخرج كيس الكلمات: تصطفق الكلمات متطايرة في سماء الغرفة باحثة عن ضوء.. يصطادها، واحدة واحدة، ويصفها على الورقة القاحلة كجثث العصافير.. يغلق الكيس ويضعه في الدرج.. يدخل بهو الصالة المرمرية اللامعة.. ومن فوق المنصة يقذف بعصافيره، فتتساقط الجثث في آذان المصفقين الملولين.. فيما تطير كلمات أخرى في فضاءات الشوارع الطينية والبيوت المنخفضة.. منطلقة من أفئدة الناس باحثة عن أنهار تجمع أمطارها.