تطالعنا فضائيات إحدى الدول المجاورة برتل من أمراء الشعر العربي الحديث، في مسلسل دراماتيكي لا ينقطع فما أن يترشح أمير للشعر حتى يأتي آخر يزيحه عن عرشه وينزع التاج منه.. وذاك أشبه بمسابقات الجمال لاختيار ملكة جمال الكون في كل عام.
نرجو أن يتدارك المنظمون لهذه الجوائز فيتم ترشيح الوصيف.. لتكتمل الصورة في إطارها الكوني والعالمي.
فبعد أن تم هدم أركان القصيدة بناءاً وموسيقى وصورة وخيالاً وقافية، وبحراً، وتم طمر إيقاعها الموسيقي وأصبحت مجرد رصف لكلمات ومجموعة من النقاط، والإشارات معتقدين أنه لا يمكن التحول عن حليب (الناقة)، إلى أكل الوجبات السريعة (الهمبرغر) إلا بإقامة الاحتفال والاحتفاء بشعراء تلك الحداثيات التي لا تحمل إلا حداثة الشكل والإطار وليس حداثة الأفكار والمعاني. مع الاحتفاء ببناء الشعر الذي عجز هؤلاء عن مجاراته.. فجاءت تلك القصائد مسخاً عن الحداثة الهجين متمردة على القديم والحديث والموروث من تراث الأمة، ودون طعم أو رائحة أو لون.. وما يلزمك أن تكون شاعراً مليونياً هو أن تكون متمرداً على السلطة، رافضاً لكل أنواع القيم والأخلاق، والتاريخ والجغرافيا، والعلوم عند العرب وإن شئت فجميع أنساق العرب كارهاً لعلم القوافي وبحور الخليل، ولغة الضاد التي أصبحت متآكلة لا تحمل حضارة القرن ومعطيات العصر.
كانت صورتك في طبق (الهمبرغر)
يا حبيبتي..
وشربت الكولا
فما دفعك من الهرب
إلى (السناك)
وقتذاك ما كان في جيبي
إلا ثمن المطلوب
والمطلوب الوصول إليك
خرجت ما عدت
آه يا وطنا!
يغلفه غدر السلوفان
أأسف
فالهمبرغر ما أثمر ولا الكولا
ما بقي لي سوى القصيدة
وحدها
وحدها.. هي المخلصة
مثل هذه القصائد الرائعة والمتألقة التي تحمل قاموس الهمبرغر والكولا.. هي التي تحصد جوائز المليون وتحصد عقول الملايين من المشاهدين الذين تسعى تلك الفضائيات على إفساد ذائقتهم الشعرية، وتمسح بل تمسخ لغة الأمة ما وجدت إلى ذلك سبيلا تغذيها طفرة المال وجهالة منفقيه.. (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) والسؤال ما الاستثمار المطلوب من وراء ذلك كله..!!؟
الرياض