يميل بعض اللغويين إلى عدّ الثلاثي أصل وضع الألفاظ، وإنما يزاد الثنائي ليصير ثلاثيًّا، وأما الرباعي فهو ثلاثي صار رباعيًّا بطرائق مختلفة، ولعل من هذه الطرق فك الإدغام من الفعل الثلاثي المزيد بالتضعيف ثم إبدال حرف بأحد المضعفين، من ذلك أخذهم من (القطر) أي البلد، الفعل (قنطر)، فلعله من قطّر وإن لم يستعمل: (قال ابن الأعرابي: قد قنطرت علينا معناه قد طوَّلت وأقمت لا تَبْرَحُ، قال ويقال قد قنطر الرجل إذا أقام في الحضر والقرى وترك البَدْوَ) (الزاهر،1: 287). ومنه (قنزع) الذي ما زالت العامة تستعمله فهو من (قزّع) مبالغة (قزَع)، جاء في (الصحاح) (والقَزَعُ: أيضًا أن يُحْلَقَ رأس الصبي ويُتركَ في مواضع منه الشعرُ متفرِّقًا. وقد نُهِيَ عنه... القُنْزُعَةُ: واحدة القَنازِعِ وهي الشعر حوالي الرأس). ومن الفعل (كسّر) قالت العامة (كسمر)، ويقول أهل الشام من الفعل (حفّر) حنفر، ويقول العامة (بهذل) فلعله من (بذّل) وإن لم يسمع كالتبذل، جاء في (جمهرة اللغة): (بَذَلْتُ الشيءَ أبذِله وأبْذُله بَذْلاً، إذا سمحتُ به. وابتذلت الشيءَ إذا امتهنته. والابتذال: ضد الصيانة.. والبِذْلة: ضد الصَيانة. وبَذَلَ عِرْضَه إذا لم يَقِهِ المدانسَ. وتبذلَ إذا امتهنَ نفسَه). ويقولون (خربش) أو (خرمش) وهو من (خرّش) الدال على المبالغة من (خرش)، جاء في (لسان العرب): (الخَرْشُ الخَدْشُ في الجسد كلِّه). ويقولون (حربش) ولعله من (حرّش) مبالغة من (حرش)، جاء في الصحاح: (حَرَشَ الضَبَّ يَحْرُشُهُ حَرْشًا صادَهُ، فَهُوَ حارِشٌ للضبابِ؛ وَهُوَ أَنْ يُحَرِّكَ يَدَهُ عَلى جُحْرِهِ لِيَظُنَّهُ حَيَّةً، فَيُخْرِجُ ذَنَبَهُ لِيَضْرِبَها فَيأْخُذُه). ويقولون (قرمط) ولعله من (قرّط)، جاء في (القاموس المحيط): (وقَرَّطَ الكُرَّاثَ تَقْرِيطًا: قَطَّعَهُ في القِدْرِ كقَرَطَهُ). ومنه (دغمر)، جاء في الصحاح: (الدَغْمَرَةُ: الخَلْطُ. يقال خُلُقٌ دَغْمَريٌّ ودُغْمُريٌّ. ودَغْمَرْتُ عليه الخَبَرَ: خَلَّطْتُ عليه. والمُدَغْمَرُ: الخَفيُّ). وهو من (دغّم) مبالغة (دغم) جاء في (مختار الصحاح): (أدْغَمْتُ الفرس اللجام أي أدخلته في فيه، ومنه إدْغامُ الحروف، يقال أدْغَمَ الحرف وادَّغَمَهُ). ومثله قول العامة (دغمل) أي أخفى الشيء أو خلطه ليخفي بعضه بعضًا، وبعضهم يقول (دغلب) بإبدال الميم باءً، وتقديم اللام. ويقولون (حرمص) أي شوى، لعله من (حمّص)، جاء في (القاموس المحيط): (وحَبٌّ مُحَمَّصٌ كمُعَظَّمٍ: مَقْلُوٌّ). ومن ذلك (عرفط) لعله من (عفّط) أي (عفّت)، جاء في (تاج العروس): (وكذلك عَفَتَ في كَلاَمِه وَعفَطَه أَو عَفَتَه: لَوَاهُ عن وَجْهِهِ وكَسَرَهُ لُكْنَةً). وتكني العامة عن شدة الضرب الذي قد يحمرّ له الجلد بالفعل (دبغ) والمبالغة منه (دبّغ) ويفك الإدغام فيقال (دلْبغ) أي ضرب ضربًا شديدًا.
الرياض