تأليف: دونالد ريدفورد، ترجمة: بيومي قنديل، القاهرة: آفاق الكتاب، 2008
(تنقصنا معلومات صحيحة كثيرة فيما يتعلّق بتاريخ السياسة الداخلية لهذا الحكم، ولا غرابة في ذلك طالما كانت كافة النصوص المنشورة، بصفة رسمية قد استهدفت محو كل أثر عقب أفول نجم النظام الذي أسسه اخناتون، بل لم تستطع حتى أعمال التنقيب التي قمنا بها في منطقة الكرنك، أن تفعل شيئاً ذا بال في سبيل ملء الفراغ الذي نعانيه بالنسبة للمصادر التاريخية عن تلك الفترة من الحكم . أما فيما يخص السياسة الخارجية فالأمر مختلف، حيث وجدت بعض الرسائل المبعوثة إلى الملك الجديد ربما تثبت إلى حد ما طريقة تعامله فيما يخص الشأن الخارجي وإن كانت تبدو الآن مقطوعة من سياقها التاريخي لأننا لا نعرف في الحقيقة الأسباب الفعلية لهذه الطريقة في التعامل، ومعظمها يوضح أنه لم يتبع الطريقة نفسها التي كان يتبعها والده الفرعون الراحل حيث يتساءل معظم الملوك عن الهدايا التي كان يرسلها الملك).
تلك كانت سطور من مقدمة بحث أعده المؤلف أثناء عمله في مشروع معبد اخناتون، والذي حاول من خلاله تقديم تصور جديد للسائد عن (إخناتون) وفترة حكمه ومذهبه.
واستطراداً لما تقدم يضيف المؤلف: (فلم يمض وقت طويل حتى كتب توسراتا ملك ميتاني رسائل شكوي إلي مصر يقول فيها إن (أمنحوتب الرابع) - اخناتون - لم يلتزم بالواجبات التي عليه في العديد من المقايضات فيقول في رسالته: (لم يرسل أخي التماثيل الذهبية التي كان والدك مزمعاً أن يرسلها لي. أنت أرسلت بدلاً منها تماثيل خشبية مطلية بالذهب. كما أنك لم ترسل لي البضائع التي كان والدك مزمعاً أن يرسلها لي، وقللت منها بصورة كبيرة). وهناك ملك آخر سرعان ما اشتعل غضبه من موقف إخناتون وهو ملك الحيثيين (سوبيلوليوماس (فكتب إليه متسائلاً) لماذا يا أخي توقفت عن إرسال الهدايا التي خصصها والدك لي عندما كان حياً؟) وفيما بعد صار الأمر أكثر خطورة عندما تساءل إذا كانت هذه الطريقة تعني رغبة في قطع العلاقات بين البلدين فيكتب إلى الملك: (بخصوص الرسالة التي أرسلتها إلى لماذا وضعت اسمك فوق اسمي؟ ومن هو الآن الذي يوتر العلاقات الجيدة بيننا، وهل مثل هذا التصرف هو السلوك المقبول؟ يا أخي هل كنت تكتب والسلام في نيتك؟).
كما يضيف (اخناتون كشخص تاريخي مختلف بصورة ملموسة عن الصورة التي خلقها لنا كتاب العوام، فلم يكن إنساني النزعة وبكل تأكيد لم يكن ليشبه ذلك الرومانسي الإنسانوي العطوف. كانت تعوزه القدرة في الحكم على الأشخاص وكان فريسة لتملق المتملقين, وافتقر إلى الحزم واتسمت سياسته باللين, ولما كانت تعوزه المواهب الإدارية ترك إدارة شئون الحكم اليومية في أيدي العسكريين كي يتابع برنامجه في الإصلاح الديني, ومع ذلك لم يكن مثقفاً ذا وزن ثقيل, فقد عجز عن فهم الدور الفعلي والمحتمل للأسطورة الدينية).
ويتساءل: (ما الذي جاء به اخناتون؟) ويجيب: (لا شيء! وإذا كانت مجموعة الأساطير الوسيلة الوحيدة للوحي المقدس، بصرف النظر عن رؤية الصوفي فإن ما نافح عنه (اخناتون) ليس إلا إلحاداً بالمعني الدقيق للكلمة).