إعداد - محمد المنيف:
في الآونة الأخيرة اشتهر الكمبيوتر بما يتمتع به من برامج فأصبح منافسا لكل سبل الإبداع اليدوي والتقنيات البصرية كالرسم والتصميم مرورا بالتصوير الضوئي أو التلفزيوني والسينمائي وصولا إلى أدق التفاصيل والتدخل في التعامل مع الكتلة الملموسة من خلال الليزر في تشكيل النحت، هذه العائلة البصرية التي يتم إنتاجها عبر الكمبيوتر أطلق عليها اسم العائلة الرقمية أو الفنون الرقمية، وإذا كان كل فن من هذه الفنون أو السبل قد أخذ نصيبه منها فإن أكثر ما يتلاءم معه ويمكن قبوله ما يتعلق بالإبداعات المرتبطة بالصورة المبنية على النقط والأجزاء الصغيرة في تكوينها حيث يمكن للبرامج التعامل معها الثابتة منها والمتحركة كالتصميم والسينما والتلفزيون والفوتوغرافيا كما اشرنا سابقا ويبقى الفن التشكيلي خارج حدود هذه التقنية إلا في حال معالجة اللوحة بعد تحويلها إلى صورة فللفن التشكيلي خصوصيته كما للشعر أو الرواية لا يمكن أن يستعاض عند تنفيذها بأي تقنيات أن لم تكن مباشرة من العقل مرورا بيد الفنان وملامسته للفرشاة وتعامله مع اللون سماكته ونعومته إلى آخر المنظومة إضافة إلى كتلة النحت وما يمر بها من تعامل ومعالجة متصلة بالفنان جسدا وفكرا.
لإحساس المباشر والتعامل الآلي
لا أخفيكم تعاطفي مع الفن التشكيلي ودفاعي عن التعامل التقليدي معه وقناعتي بالفارق الكبير عند تنفيذي لعمل فني بين الأدوات التقليدية كالفرشاة والألوان وقماش الرسم أو أي من مستلزمات تنفيذ الفكرة الملموسة والمحسوسة وبين أن امسك (بالماوس) لأحرك جهاز لا حياة فيه ولا تفاعل، وهذا لا يعني عدم إعجابي بما يقدم من خل برامج الفنون الرقمية الحاسوبية للعديد من فناني هذه الوسيلة أو من التشكيليين الذين مزجوا قدراتهم الحقيقية بما يمكن التعامل معه من برامج الكمبيوتر، وأؤكد على عبارة (القدرات الحقيقية) فهناك من وجد في هذه الوسيلة سبيل لحل مشكلة التعامل مع اللوحة أو المنحوتة ومع ذلك لم يخرجوا بشي منه فالأصل في الإبداع في الوسيلتين هو الموهبة والخبرات.
تقنيات جديدة أخطأ البعض فهمها
وقبل أن نمر على بعض من التجارب التشكيلية التي حاول بعض الفنانين التشكيليين
من مشاهير هذا الفن دخول هذا العالم والتعرف على الإمكانيات التي تضاف إلى مجالهم التشكيلي، نقف عند ما يمكن أن نسميها ظاهرة جديدة تمثلت في محاولات البعض من غير المؤهلين تشكيليا وليس تقنيا للتعامل مع مثل هذه البرامج كوسيلة سهلة لتنفيذ أعمال عابرة لا تتعدى التلقائية أو توظيف إمكانيات الجهاز لتشكيلات أو تكوينات لا تحمل روح أو عمق ما يعينه العمل الفني، كما يجب الإشارة إلى أن من لا يملك القدرة على تكوين الشكل بالأدوات والآلية المعتادة (الفرشاة والكانفاس أو الحجر والطينة الخزفية) لن يستطيع التحكم في أدوات الرسم والتلوين في برامج الحاسوب (الماوس والشاشة ولوحة الألوان وبرامج الرسم والتصميم أو بأقلام الرسم اليدوي الحاسوبي) وهذا ما يشاهد في كثير من الأعمال لبعض من مارس هذه التجربة مقارنة بمن يستخدم هذه التقنيات في مجال التصوير الفوتوغرافي الذي يتوافق وينسجم معها ويمكن الخروج منها بنتائج رائعة.
وإذا عدنا لاستعراض بعض الأسماء العربية والمحلية والعلمية ممن تعامل مع برامج الرسم في الحاسوب (الكمبيوتر) فنجد أن له روادا ومدارس وأساليب حقق فيها هؤلاء الكثير من الإنجازات التي تجمع بين اللوحة التشكيلية والصورة الفوتوغرافية ضمن العائلة الرقمية.
منها ثنائية الأبعاد ويمثلها الرسم الرقمي Digital Drawing تصوير رقمي Digital Painting تصميم رقمي Digital Design تصوير ضوئي photography ويستخدم فيها برامج خاصة منها: كرل درو Corel drow يتم استخدامه في كل ما يتعلق بالتصميم الإعلاني وباينتر Painter للرسم والتصوير أما الفوتوشوب photoshop وهو البرنامج المعروف على مستوى العالم يتم تطويره بشكل متواصل فيستخدم في الكثير من المهام كالرسم أو تعديل الصور والتصوير والتصميم..
كما تشتمل هذه البرامج على تنفيذ فنون ثلاثية الأبعاد كالتصميم المعماري Design Architect وهندسة الديكور Engineering Design والنحت رقمي Digitalsculpting يستخدم فيها في هذا المجال: برامج الثري دي ماكس 3D MAX. والستراتا ثري دي Strata 3D.
ولم يتوقف الفن الرقمي عند حدود الصورة الثابتة بل تعداها إلى منافسة الكاميرات المتحركة فأنتجت برامج لفنون الحركة كالأفلام الثنائية الأبعاد وأفلام ثلاثية الأبعاد أفلام تصوير وثائقي استخدم فيها البرامج، تون بون ستديو Toon Boom Studio ثري دي ستوديو ماكس 3D Studio MAX فلاش Flash أما في الأفلام الوثائقية فتستخدم كاميرات التصوير الفيديو.
إبداع أثبت منافسته
نعود للحديث عن بعض الرموز التي استخدمت الحاسوب في مجال الفنون التشكيلية لكل منهم أسلوبه وعناصره يجمعهم قواسم مشتركة منها كيفية التعامل مع البرامج الخاصة في هذا المجال منهم على سبيل المثال الفنان الياباني كجايا يوتاكا حقق بإبداعه حضورا عالميا وحاز على الجائزة الأولى في مسابقة الفن الرقمي في الولايات المتحدة الأمريكية على لوحته المستلهمة من علوم الفلك كما نشاهد أيضا تجربة الفنانة منيرة القاضي من الكويت الشقيقة التي أيضا حققت حضورا بإبداعاتها التشكيلية في التصوير الزيتي تحولت بعده إلى التعامل مع برامج الكمبيوتر في اغلب قاعات العرض العالمية والعربية كان منها معرضا لها قبل سنوات في معرض التراث بالخبر واقتنيت لها أعمال في العديد من المتاحف العالمية تعمل بشكل متواصل من خلال محترفها بإسبانيا والتي قالت عن تجربتها إنها بدأت تكتشف موهبتها في اللوحات الزيتية المتعددة الوسائط في سن مبكرة وتضيف أنها ومنذ عام الألفين ميلادي بدأ - اقتحام وسطا جديدا من الرسومات الحاسوبية التي سرعان ما استخدمتها في عالمها الفني وتعتبر أعمالها الحاسوبية - تقنيا - ومعمليا - على نفس المستوى البديع لأعمالها السابقة التي كانت تستخدم فيها الألوان الزيتية مباشرة من البالتة حيث تتعامل مع الحاسوب بقدراتها السابقة ابتداء من الرسم بالقلم الخاص بإنشاء الخطوط وتحديد الشكل مرورا باستخدام لوحة الألوان وصولا إلى بناء العمل على الشاشة. وفي نفس الإطار أو الاتجاه نجد في الساحة المحلية الكثير من الأسماء التي وجدت في هذه التقنيات ما يكمل تجاربهم السابقة وإمكانية تنفيذ أعمالهم بشكل معاصر حيث برزت من تلك الأسماء الفنانة أمل سعود التي أسست من خلال إبداعها مرسما عبر موقعها الإلكتروني انظم إليه أكثر من ستمائة مشترك من دول عربية مختلفة، تلقوا فيه كيفية الرسم واستخدام التقنية لرسم لوحات تشكيلية، شاركت الفنانة أمل بعدد من أعمالها الواقعية التي استلهمتها من الواقع وإعادة صياغتها بشكل جديد، إضافة إلى ما شوهد من أعمال في التصميم الرقمي في معرض الرائدات الذي أقامه قسم التربية الفنية للبنات وهو الجانب الحقيقي.
الهواة وسهولة التقنيات
ما يمكن الإشارة إليه أن مثل هذه التقنيات والبرامج في الرسم والتصميم المتاحة لكل من يتعامل مع الحاسوب فتحت آفاقا رحبة للمختصين ولكل الهواة الشباب بشكل عام قدموا فيها أعمالا رائعة من التصاميم بكل ما يمكن من تغيير وتبديل عبر ماوس الجهاز وإصدار الأوامر مع ما أضيف لهم من قوالب سهلة التنفيذ والاقتباس فلم يعد هناك صعوبة في العلاقة مع هذا الجهاز وبرامجه كما أن الفرصة أيضا أتيحت لكل من يعشق التعامل مع الإيقاع اللوني أو تشكيل المساحات دون تكلف أو حاجة لموهبة أو أن يكون لدى المستخدم لهذه البرامج أي فكرة عن بناء العمل أو أنه يجد صعوبة ليتم تجييرها إلى الفنون الحديثة المعاصرة التجريدية والرمزية إلى آخر الحكايات والقصص التشكيلية التي لا تنتهي.
monif@hotmail.com