- عامك الجديد كما يشتهي قلبك يا صديقي.
- قلبي يحتاج البدء من نقطة الصفر لكي يعرف كيف يشتهي أن تكون البدايات, لقد كان جزء كبير من العام الذي مضى مزعجاً, ومشوشاً, أضواؤه ساطعة, والنور الهادئ فيه كان يحتاج بدل جهد من الحكمة والصبر حتى لا تأخذنا موجة النهوض على أعمدة طرية لم تجف بعد.
- صدقت هذا ما أشعر به الآن وأنا أفكر معك بعام (تجملنا) فيه كثيراً - رغم أننا كنا نقول شيئاً من الحقيقة........!!!!
- كنا نستعرض الحقائق يا صديقي، نقول إننا فهمنا، وعرفنا، واستوعبنا، واكتشفنا, وتجاوزنا و,,,,,,,
- و,,,, لم نفعل شيئاً..!!
- بالضبط، لم نفعل شيئاً..!!
- أحياناً أفكر / أشعر أن هذا جزء من النهوض الحقيقي, من قرار النهوض الحقيقي.
- ربما، لكن تعرف يا صديقي ما الذي كان أكثر إزعاجاً في ذاك العام، ما الذي يجعل عقلي يشك جزئياً في إمكانية النهوض والوصول إلى التنوير الحق.... إلى كسر القالب الذي خدعتنا به كثرة الألقاب كنا؟
- أسمعك.
- المزعج في الأمر أن أغلب الناس كانوا ينهضون / يتحدثون بصوت واحد, في توقيت واحد.
- ألا ترى أن هذه ميزة حسنة, وليست أمراً مزعجاً كما أشرت؟
- هذا هو الظاهر - كما أعتقد - لكن ما قولك بظاهرة الصوت الواحد في مجتمعات حديثة العهد بذواتها, أقصد (التجربة الذاتية / الشخصية) لديها ما زالت في مهدها، لم تنم معرفياً بالقدر الذي يسمح لها أن تكون على وعي تام بمفهوم (الصوت الواحد) ومطالبه / فعاليته / مشاعره.. عوضاً على كونها ليس لها تجارب حضارية تتجاوز (الوطن)!!
- أنا معك في كوننا ما زلنا في مهد (التجربة الشخصية) وحداثة عهدها في مجتمعنا, لكن هل تتصور أنه لا بد لنا أن نعيش (تجربة حضارية) لكي نفهم, و(نتنور)؟؟!!!
- تعرف يا صديقي: أفكر الآن أن التجربة الذاتية هي بحد ذاتها تجربة حضارية، فالأمر (تشكيلي) وليس تدريجياً.!!
- من فضلك دعنا نعود إلى: الصوت الواحد, ولا تدخلنا في متاهات الاسترسال الفكري..!! من فضلك.
- حسناً..!!! أسمعني إذن.
- أنا معك.
- الأمر بسيط للغاية، ينهض الأغلب ليتحدثوا عن موضوع ما, وفي وقت واحد, لهذا لا أحد يسمع أحد, الأغلبية منشغلة في التواجد, الظهور, في الاسترسال السردي الذي ينتهي إلى لا شيء ..!!! ولا يحقق شيء ذو معنى ..!!! فقط هي مجموعة أصوات تداخلت في بعضها البعض وكونت تشويشاً عاماً موحداً جعل رؤوسنا تدور حول نفسها.
- تقصد أن هذا الصوت في حقيقته: (لغو) أتخذ شكل (اللغة) بين جموع الناس.
- لا، لا أقصد ذلك بالتحديد.
- إذن؟
- التشويش يأتي عندما نقول ولا نسمع, نقول ولا نفعل, نقول ولا نقرأ ما يقوله الآخر المتفق / المختلف معنا, فقط مجموعة من الأقوال, الأصوات, الصراخ, الجدال من الاشتعال الذي ينطفئ إلى حين شرارة أو حريق وفي النهاية لا أحد يستوعب أحداً, بربك ألا يزعجك هذا ويصيبك (بالصداع) ؟؟!!
- نحتاج إلى الصمت قليلاً, أخذ نفس عميق من النقاء والفهم لكي نستوعب ذواتنا جيداً، بدون هذا لن نتخذ موقفاً إزاء شيء.
- هذا ما أقصده, الصوت / التوقيت الواحد تشويش يجعلنا ساكنين, ونحن على اعتقاد ضال أننا نتحرك / نفعل..نتخذ موفقاً ...!!!
- إذن تتمناه عاماً هادئاً؟
- أريده عاماً نركز / نعرف فيه ما يقال وما يُفعل, هكذا يكون الهدوء, هكذا تأتي السكينة ؟
- ربما نحتاج ما ذكرته أنت في بداية حديثنا: نحتاج البدء من الصفر لعلنا نحقق فعل النقاء / الهدوء الدهشة؟
- وهذا ما سأفعله؟
- كيف؟
- سأحتفي في هذا البدء بذاكرة (دانا) و(روز) ,طفلتين من ضوء ونقاء, لم يُكتب على جدار دهشتهما شيء بعد، يتساوى لديهما القول والفعل، الهدوء والضجيج, في صورة ملامحهما يسكن العدل, فلا شيء يطغى على شيء, طفلتان تستيقظان على الفطرة كل صباح وتبتسمان - تخيل يا صديقي معنى أن نستيقظ على الفطرة كل صباح - وربي هذه هي الدهشة بعينها.
- (دانا) ابنة (نور) أختك، و(روز) ابنة (نورة) صديقتك, أوَليس؟
- نعم, أحاول من خلالهما أن (أتنور) كيف تكون الموازنة, كيف له أن يكون العدل, كيف تنمو المعرفة, وكيف يُوثق لأول الدهشة, أقرأ من خلالهما ما جهلته في نفسي, فلعلي أغسل هذا الضجيج والصخب الذي خرجت منهما من عام مضى.
- إذن كل عام وأنت في طمأنينة.
- كل عام وأنت في سكينة روح.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة 5112 ثم أرسلها إلى الكود 82244