الدوادمي المدينة الصغيرة الكبيرة التي قد لا تبتعد أكثر من مائتي كيلومترا عن الرياض، مدينة فن وفنانين مدينة ظهر فيها النحت، واستطاع أحدهم أن يؤثر في ذائقة كثير من سكانها ليقبلوا على هذا الشكل الذي اعتلى بعض ميادين المدينة فالراحل عبدالله العبداللطيف كان من أوائل من اشتغلوا على هذا الجانب واستطاع أن يؤسس للنُصب الجمالية وان يترك أثرا، تعلّم على يديه عدد من الموهوبين الشباب سواء أولئك الذين درّسهم في المدرسة أو في النادي وترك ميراثا فنيا بعد وفاته فآخر أعماله لم ينصب إلا بعد وفاته، وها هو الفنان الذي أشرف على نصب العمل يفاخر بذلك، هذا يعني أن هناك إخلاصا شديدا وحبا لهذا المعلم الذي تدرب على يديه عدد من الفنانين سواء على مستوى مدارس علّم فيها أو من خلال عمله مشرفا أو موجها للتربية الفنية أو غير ذلك من المجالات التي كانت تتيح لأولئك الموهوبين تعلم النحت ونقل العبداللطيف لهم خبراته الفنية.
قبل أكثر من عامين زرت بصحبة أحد الأصدقاء منزل أحد أقارب العبداللطيف فوجدت مجموعة من أعمال الفنان النحتية يحتفظ بها ومن شدة تعلقه بها طلب من أحد النحاتين الأجانب نسخ أحد الأعمال وجاء العمل المقلد بكثير من المواصفات الفنية التي جاء عليها العمل الأصلي لكن الفرق لا يغيب عن العين الفنية المدربة.
الجماعة في حياة العبداللطيف وبعد وفاته اتخذت من نادي المدينة (الدرع) مقرا ومنطلقا لمشاركاتهم الخارجية، وأعني خارج الدوادمي فكان الحضور في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب واضحا وكان الفنانون يتنافسون على نيل الجوائز الشخصية والجوائز الخاصة بالنادي لينقلوا نجاحهم ويهدونه إلى مدينتهم وتقديرا لجهودهم وطموحهم أقامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بعض معارضها هناك، وكانت مناسبة كبيرة ليلتقي عدد من فناني المملكة بفناني الدوادمي كان من بين الحضور حينها الفنان الرائد الراحل محمد السليم وعدد من الأسماء التشكيلية السعودية الهامة.
كانت معارض الدوادمي ممثلة لنهج المجموعة، فيها الرسم والتصوير والنحت وكان أن انطلق بعضهم إلى خارجها على نحو شخصي أو مشترك لكن الجماعة نفسها أخذت في التحرك والعرض في الرياض خاصة، ومدن أخرى وحظي بعض الفنانين بزيارات مهتمين بالفن حتى إن بعض الفرنسيين زاروا مراسم بعض الفنانين ليقيموا فيما بعد معرضا مشتركا بين رسام ونحات هما: إبراهيم النغيثر وعلي الطخيس الذي يعتبر مشغله النحتي أحد المشاغل الهامة في هذه المدينة، هناك بالمثل مشغل سعود الدريبي وربما آخرون أخذهم ذات الاهتمام بالفن والنحت خاصة. فنانو الدوادمي بعد أن احتضنهم نادي الدرع لأعوام وأطلقهم إلى حيث النشاط والمعارض، ولإحساس بعضهم أن فرقة ما بدأت في الأفق كان جهد الفنان أحمد الدحيم في إيجاد مقر للجماعة، هو منزل شعبي رأى فيه مقرا وملتقى للفنانين ولزوار المدينة تُعرض فيه بعض الأعمال وتعقد فيه بعض الاجتماعات وعندما زرت الدوادمي قبل شهور بصحبة الزميلين محمد المنيف وناصر الموسى كان حرص الفنانين على إطلاعنا على هذا البيت الذي ضم أعمالهم مثل محمد العبدالكريم والطخيس والنغيثر والدحيم وسعود العثمان وعدد آخر من اعضاء الجماعة والواقع هو مقر يأتي في فترة قد تكون المجموعة أحست بنوع من الفرقة وبالتالي الحاجة إلى الالتئام من جديد والواقع انه ليس هناك كما يقول لي الإخوة في الدوادمي ما يفرق إلا أن المكان بحد ذاته ملتقى يومي أو شبه ذلك من أجل تدارس أي جديد أو أي نشاط مقترح، وأتذكر قبل أعوام أن إدارة التربية والتعليم كان لها جهد كبير في لم شمل فناني الدوادمي بمعرض شاركت فيه بعض الأخوات من منسوبات تربية وتعليم المحافظة، بالتالي هناك إحساس بأهمية اللقاء والاجتماع والعمل المشترك وهذا في الواقع يشترك في الحرص عليه الجميع وأتمنى أن يواصل هؤلاء جهدهم وتفانيهم وحبهم للفن وهو ما سيحل كثيرا من الصعاب التي يمكن أن تواجههم كمجموعة أو كافراد كما وأدعو البقية أن ينضموا إلى زملائهم ورفقاء دربهم الفني لتحقيق المزيد من النجاحات المطلوبة التي حققوها سابقا على المستوى الشخصي أو الجماعي.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام