لم تكن معرفتي بالشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وليدة اللحظة التي التقيته بها في حائل قبل سنوات ذلك أنني كنت أعرفه من خلال نتاجه العلمي وقد شدني من إصداراته كتاب العربية بين القاعدة والمثال فحرصت على أن أمضي في مشوار متابعة ما تسطره أنامله داعياً لبراجمه السلامة من الأوخاز.
تعلقت بما كان يصدره الشيخ فيما يتعلق بالعربية وآدابها مع مغالبة نفسي على محاولة هضم الجنوح إلى التفلسف الذي يظهر بوضوح في طرحه مما لا أجده عند كثير من الباحثين ولم أكن كلفاً بالظاهرية كنهج لكنني لم أعد قادراً على أن أرد أن لأهل الظاهر نظرات شمولية تستهوي الراغب في أن تكون آفاق المعرفة عنده غير محدودة بحد.
حين قابلت الشيخ الظاهري وجهاً لوجه بحائل أنا والدكتور محمد الشنطي وعبدالرحمن الملق وعاشق الهذال في منزل الشيخ أحمد بن عبدالعزيز آل الشيخ - رحمه الله - لفت نظري أنه يحاول تركيز نظره وهو يتحدث على الذين لم يشاهدهم من قبل فعرفت أن ذلك من مهمة استكشاف ما لدى الناس إذ قد تحتم الظروف على أحد ألا يكون من المتحدثين لكن لديه معرفة ودراية.
دار حديث في ذلك اللقاء عن الأدب قديماً وحديثاً أو تجديداً وتقليداً ثم عن البلدانيات في ضوء أبيات لزرارة الكلابي وهو من أهل العصر الأموي ثم عن النباتات البرية بين الدراسة العلمية والشعر، ومضى الشيخ إلى الحديث عن مشروعه الثقافي الذي خطط له وقدم من أجله إلى حائل.
كان مشروع الظاهري الثقافي في حائل ينصب على إعداد معجم بلداني عن المنطقة بدراسة مستقلة وكذلك دراسة مستقلة أخرى عن القبائل القديمة في حائل وبعد أن قرر القيام بجولة ميدانية صحبته في جولته وتم التركيز فيها بداية على طريق الحج المكي الكوفي وما هو قريب منه فمن أرض العلم إلى الحاجر إلى سميراء فالأجفر إلى ما وراء ذلك في الطرف الشمالي الشرقي من المنطقة في أيام ليست متوالية وألفيت الشيخ في تلك الرحلة وقد خبرته عن قرب علمي النزعة شغوفاً بالبحث عن كنه الأشياء سواء أكان ذلك متعلقاً بمعالم الطبيعة ومسمياتها أو متصلاً بما تركه القدماء من آثار الشعر والنثر والروايات.
لم ترَ بحوث الظاهري عن حائل النور حتى الآن وقد مضى على فكرته سنوات عديدة وكأني به الآن وقد انشغل فكرياً واجتماعياً وإنسانياً وإدارياً قد عاوده الحنين إلى مراجعة مشروعه الثقافي عن حائل وتقديمه للباحثين والقراء على شكل مقالات ثم دراسات متكاملة بعد أن كانت له وقفات مضيئة في تطبيق النصوص القديمة على الطبيعة في تلك المنطقة في أوقات قال عنها ذات مرة إنها من أسعد لحظات العمر.
عضو مجلس الشورى