يلاحظ المتابع لحياة ونشاط شاعرنا الكبير د. عبدالعزيز المقالح أن أخلاق وطبائع القرية اليمنية قد تركت أثرا كبيرا في سيرته وحياته.
ولد الشاعر المقالح عام 1937م في محافظة أب قرية المقالح منطقة الشعر وفي وادي بناء تحديدا الذي تغنى باسمه وأطرب كثير من الشعراء والفنانين لحقوله الخضراء وشلالاته البديعة التي تشتهر بهطول الأمطار الموسمية بكميات كبيرة خلال العام وتسمى اللواء الأخضر لجمال طبيعتها ولتنوع زراعة منتجاتها وكذلك لكثرة شلالات المياه والوديان الخلابة، كما أن حياة المواطن اليمني البسيطة في هذه المنطقة حددت مسارا واضحا في حياة عبدالعزيز المقالح، تمثلت في أشعاره وكتاباته المتنوعة سواء الأدبية أو السياسية والتي تلامس نبض ومعاناة الفلاحين والبسطاء في اليمن، كما أن لها أثرا في جانب آخر هو جانب النضال من أجل الحرية والانعتاق والانطلاقة لآفاق جديدة ورحبة تمثلت في تهيئة المواطن والمجتمع لعهد جديد هو عهد الثورة التي فتحت أبواب اليمن واسعة على العالم العربي والعالم الآخر. ولعل كتاب الدكتور عبدالعزيز المقالح من الأنين إلى الثورة الذي سجل نضال الحركة الوطنية في اليمن شماله وجنوبه دليل آخر لرؤياه للتحرر من النفوذ الخارجي والعزلة السياسية والثقافية والعمل من أجل إعادة وحدة تراب اليمن الواحد، كما أن إصداراته المتعددة في مجال الفكر والأدب والشعر قد ساهمت جميعها إلى حد كبير في إحداث ثورة ثقافية واسعة.
وكان الدكتور المقالح على رأس كوكبة من الرواد الكبار أمثال محمد محمود الزبيري، وزيد الموشكي وأحمد الشامي وعبدالله البردوني، وإبراهيم الحضراني، ومحمد سعيد جرادة وعلي محمد لقمان الذين أثروا الثقافة اليمنية أولا والثقافة العربية ثانيا.
وكان لإبداعاتهم ومساهماتهم الأدبية والشعرية علامات وإشارات مضيئة بارزة في الثقافة العربية وسجلوا حضورا قويا لليمن ومثقفيه.
درس في جامعة عين شمس كلية الآداب وحصل على الدكتوراه عام 1977م وشهدت فترة وجوده في القاهرة عطاء ونشاطا منقطع النظير تمثل في عدد من إصداراته، وارتبط بعدد من الشعراء والأدباء في مصر من الشعراء الكبار الذين عرفهم المقالح الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي وأحمد فؤاد نجم وصالح جودة وعبدالرحمن الأبنودي وأمل دنقل وغيرهم.
وعندما عاد إلى الوطن أوجد حراكا ونشاطا في الواقع اليمني حتى وصل الأمر إلى تمرضه لكثير من المضايقات والانتقادات الحادة ولكنه استمر في عطاءاته وإنتاجاته المتدفقة.
وكان د. المقالح رئيسا لجامعة صنعاء لأكثر من عقدين من الزمن رعى هذه الجامعة من بداية إنشائها حتى أصبحت تضاهي كثيرا من الجامعات في العالم العربي، ويعرف الكثيرون الدكتور المقالح برعايته وتشجيعه لعشرات بل مئات البراعم الثقافية والشعرية اليمنية والعربية هو من بادر في إنشاء مركز الدراسات والبحوث اليمني الذي أصبح يحوي الكثير من أعمال وإنتاج المبدعين والمفكرين وأعاد توثيق وحفظ كثير من كتابات وأشعار وآداب تاريخ الحركة الوطنية اليمنية ويحوي أقساما متعددة للباحثين والمهتمين داخل اليمن وخارجه.
- عضو في المجمع اللغوي بالعاصمة السورية دمشق.
- عضو مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، حاصل على عدد من الجوائز.
- جائزة اللوتس عام 1986م.
- جائزة الثقافة العربية 2002م.
منحته الحكومة الفرنسية جائزة الفارس في الأدب والفنون 2003م حصل على عدد من الجوائز والألقاب على المستوى المحلي والعربي، حصل على درع الآداب والفنون، منحته الحكومة اليمنية وفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح عددا من شهادات التقدير والجوائز.
يأتي هذا العدد في جريدة الجزيرة الغراء واسعة الانتشار بملحق ثقافي وبدعوة كريمة من أعلام وأدباء قدموا الكثير والكثير من الأعمال الأدبية والشعرية لخدمة قضايا الوطن ومواطنيه في المملكة العربية السعودية الشقيقة عن حياة شاعر عربي من الرواد الكبار أعطى كل ما لديه وما يملكه في مسيرة نضالية زاخرة بالعطاء والإبداع في الأدب والشعر وتجربة وطويلة سخرها لقضيته الأولى ألا وهي تطور الثقافة العربية ولعل التواصل واللقاءات وجسور الملتقيات الشعرية هنا وهناك خلال السنوات الأخيرة ومنذ صنعاء عاصمة للثقافة العربية عام 2004م قد أوجدت تبادلا وتمازجا فكريا وأدبيا بين المبدعين في المملكة واليمن وأظهر أستاذنا الكبير المقالح عناية ورعاية لكل أصدقائه وزواره من المملكة العربية السعودية الشقيقة وبقية دول الخليج العربي الأمر الذي دفع بهؤلاء الأعلام والرواد إلى تحديد وإصدار عدد ملحق ثقافي لشاعرنا رائد الشعر الحديث في اليمن د. عبدالعزيز المقالح أطال الله عمره.
قال عن فلسطين
يافا تقاتل يافا
وما الخليل يقاتل ماء الخليل
لماذا يموت النخيل
وتبقى الرمال؟
لماذا تموت الظلال
وتبقى الصخور القبور؟
لماذا يبعثرنا ورق الاحتمال
ويخلعنا شجر المستحيل
عن اليمن
اكتب عن صرواح
اكتب يا صديقي عن مطلع الصباح
والفجر سد وجهه يعانق البطاح
ويفتح الطريق للطيور والاقاح
ينهمر الندى
على الجبال حولنا ويضحك المدى