لعل التفات النقد الأدبي - يمنياً وعربياً- إلى نصوص المقالح في ديوان (قارب يتكلم) 1931 وإلى ديوانه (لابد من من صنعاء) 1971 كان مؤشراً لافتاً إلى حداثة النص الشعري ومعاصرته ومواكبته لتطور القصيدة العربية حتى تلك السنوات. وقد أشارت الدراسات النقدية إلى أن المقالح بهذه النصوص قد رسخ القصيدة الجديدة في أدب اليمن الحديث الذي لم يعد تحطيماً للبناء العروضي التجريدي الموروث ولكنه استيعاب لتقنيات القصيدة الجديدة إيقاعاً وبناء.. وكان ذلك مغايرة وخروجا عن رأي الشاعرة الرائدة الناقدة نازك الملائكة التي لم تر في القصيدة الجديدة إلا أسلوباً (في ترتيب تفاعيل الخليل) أو (ظاهرة عروضية).
وقد كان صدور ديوان (رسالة إلى سيف بن ذي يزن) 1972 استيعاباً فنيا عميقا لتقنيات جديدة في الشعر العربي لعل أبرزها امتلاء المجاز بتعدد العلاقات وتداخلاتها وصولاً إلى التوظيف الفني العالي للرمز، وكذلك تقنية (القناع) إضافة إلى الثراء الفكري والدلالي الذي تشعُّ به النصوص وقد كان الشاعر المقالح على وعي بضرورة تمثل قيم العصر، وكانت فاتحة ديوانه هذا التصوير الشعري:
جئت في الكف تراب
وعلى العين نقوش من بقايا (سد مأرب)
كنت منفياً وراء العصر،
اجترُّ انخذالاتي، بلا سيف أحارب
وأخيراً حملتني دهشة العصر،
بعيداً عن مسارات العناكب..
إن الفاصلة التي تخللت هذا المقطع مؤشر إلى تحول في بنائية القصيدة الجديدة وإيقاعها.. لتصبح مؤشرا إلى تحول لاحق في تجربة الشاعر.