حين سألني صديقي عن رأيي في مصطفى محمود، أجبته ببداهة وعفوية مستفسراً: العالم سالسيكولوجي؟؟
ربما كان جوابي مجحفاً بحق الرجل.. بالتأكيد كان جوابي مجحفاً.. أدركتُ ذلك حين ذكر لي صديقي عن إنجازاته وعطاءاته المكثفة والمتنوعة بين الفكر والعلم والأدب والفلسفة، ناهيك عن الطب - تخصصه الأساس، ولكني حين اختصرتُ إنجازاته - أو ابتسرتها - في صفة واحدة، كنتُ أختطفُ من الذاكرة عنواناً لبحث قيّم كنا نشرناه عن الدكتور مصطفى محمود، في أحد الأعداد الماضية من مجلة (كتابات معاصرة) وفيما أذكر كان البحث يتناول المسألة السيكولوجية في بعض أعمال مصطفى محمود..
لا شكّ أن هذا العالِم الفنان يتمتع بشهرة كبيرة في عدة مجالات، المشكلة أن كل ذلك كان في عقدي السبعينيات والثمانينيات حيث كان لبنان واقعاً تحت وطأة الحروب الأهلية التي جعلت من الصعب علينا في لبنان أن نتابع برنامجه العلميّ - الكونيّ (العلم والإيمان)..
هذا جانبٌ من الإشكال، أما المشكلة (وأؤكد على وصفها مشكلة) أنني حين خرجت إلى بعض أهم المكتبات البيروتية (وبيروت كما نعتقد مركز الكتاب العربيّ) باحثاً عن كتاب، أيّ كتاب، لمصطفى محمود.. فلم أجد!
هو إذاً سؤالٌ كبير، أجدني مضطراً إلى طرحه بدلاً من قول كلمةٍ تكريمية في حقّ هذا الرجل (وهو يستحقها عن جدارة بلا أدنى شكّ) ولكن السؤال هو حيلتي الآن: أين كُتُب مصطفى محمود؟
عرفتُ تماماً أن كثيراً من كتبه طبعت عدة طبعات في بيروت، ما قبل الألفية الراهنة، فلماذا - وقد نفدت من الأسواق كما يبدو - لم يبادر ناشروها بإعادة طرحها في المكتبات بطبعات جديدة؟؟
الشيء المؤسف أيضاً، أنني سألتُ حتى دور النشر التي أصدرت إحدى طبعات كتابه الشهير (لغز الحياة) عام 1970 (وهي دار العودة في بيروت) فلم أعثر على نسخةٍ واحدةٍ متبقيةٍ من هذا الكتاب لديهم..!
المأمول من هذا الملف المهمّ الذي تقدمه الجريدة السعودية الأجمل (الجزيرة) أن يساهم في لفت انتباه ناشري الكتب العلمية والثقافية في لبنان إلى هذه الفجوة بين الموجود وما يجب أن يعاد إيجاده من الإصدارات..
ومن جهتنا، (كدار كتابات).. لن نتوانى عن القيام بهذا الدور، إذا سنحت لنا الفرصة بحسب الطرق النظامية المتبعة عادة لنشر طبعات جديدة من كتبه.
* شاعر وناشر لبناني - بيروت