إذا دعيت قصداً للكتابة عن شخصية شامخة ومثيرة للجدل ووعرة وعميقة في الوقت ذاته فماذا سيتداعى في روعك؟ لا أقول من أفكار بل من أحاسيس ومشاعر. تصور ذلك، اختر أي شخصية عظيمة وحاول تمرير قلمك على أوراقك الساكنة بانتظار متبتل للكتابة عنها، فإن لم تلجأ لمرجعيات ومصادر معروفة وإلا ستقع في الفخ، ربما للوهلة الأولى ستتجمد ويتخشب قلمك وقد تغدق عليك الأوراق من بياضها ما يصيبك بالعمى المؤقت، فما بالنا ونحن نكتب عن شخصية تحمل تاريخاً انتقالياً للروح والقلب والعقل ك (مصطفى محمود) الذي صار وجهه ذات يوم بيننا أليفاً وصوته ببحته المميزة أنيساً وعباراته بوصلة اتجاهات بعض أحاديثنا المسائية، تلك التي يمتحها من عقله الذي يسبر غور كل الأشياء الدقيقة ويصوغها وجدانه بلغة أدبية فريدة. هذا المعجون الخاص بالدكتور عالم التشريح والروائي القاص والكاتب الصحفي مصطفى محمود لا يمكن أن يتخلق لأحد سواه. لماذا؟ لأنه النجم السائر من دياجير الضلال إلى فضاء الإيمان عن اختيار وتقصد. فهو يمثل التجربة الفريدة في التعاطي مع الحقائق ميكانيكيا حتى استحالت إلى ما يشبه السراج المنير ليست بلمسة ساحر إنما بلمسة عقل استقل فأقل واستزاد فزاد.
ويكفينا منه أنه مصطفى محمود.. هكذا ببساطة مثلما كان.. تدعونا الكلمة الشفرة (فتافيت) عبر برنامجه الشهير العلم والإيمان لنلتصق مباشرة بعالمه الملغز وفلسفته العلمية الإيمانية للحقائق الغائبة عن أذهاننا، فتبهرنا رحلته من الشك إلى اليقين ويقيننا نحن أنه سيظل علامة فارقة في تاريخنا العلمي وسجلنا الأدبي.
