الدكتور مصطفى محمود الذي أتحفنا وأبدعنا ببرنامجه القيم المتميز (العلم والإيمان) يعد علماً بارزاً في مصر والوطن العربي كداعية إسلامي ومؤلف ومفكر وأديب وكاتب، وقد شغل بقعة ضوء كبيرة طوال عشرات السنين بمقالاته وإنتاجه الأدبي والفلسفي والعلمي ومن خلال كتبه الكثيرة في شتى المجالات الروحية والدنيوية، التي تراوحت بين القصة والرواية والمسرحية والمؤلفات العلمية والفلسفية والاجتماعية، والسياسية، وأدب الرحلات.. فضلاً عن آلاف المقالات بالجرائد والمجلات المختلفة، و400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان).. التي تميزت بأسلوب عذب جميل في الدعوة.
من منا يستطيع أن ينسى برنامجه الذائع الصيت (العلم والإيمان) الذي كانت تذيعه عدة محطات تلفزيونية عربية بالإضافة إلى التلفزيون المصري، متمتعا بأكبر نسبة مشاهدة في زمنه.. كان يمتعنا بأسلوبه الممتع السهل السلس في السرد العلمي الذي كان يخاطب به الجميع كبيراً وصغيراً وهو دائماً يربط حياة الحيوان بالإنسان ويذكرنا دائماً بعظمة خالقنا سبحانه وتعالى. ففيه تعرفنا على الكون من منظور آخر، وتعلمنا الكثير من برنامجه. كان تركيزه على إظهار وإثبات عظمة الله سبحانه وتعالى بأسلوبه المنطقي وقدرته على التقريب من الدين بأرق المحاولات وأرقى الكلمات. لقد تميز مصطفى محمود بإمكانيات الطبيب وإحساس الأديب وإدراك الفيلسوف واستطاع بأسلوبه التعليمي العبقري وبالسهل الممتنع أن يرجع كل تفاصيل الكون من عظمة ودقة إلى خالقها وهو الله الواحد. وكان يختم كل حلقة بالثناء على الله وحمده وتسبيحه.
حقيقة لقد أثر فيّ هذا الرجل كما أثر في قلوب الملايين.. بحقائق ودلائل ودراسات، فهو علامة فارقة في العلاقة بين العلم الحديث والإيمان، فكم كان مؤثراً في حديثه وشرحه المبسط للنظريات والمعجزات الربانية. وكم كان مؤثراً بأخلاقه الطيبة وسمعته الحسنة وأفعاله الخيرة، فقد أغدق على الفقراء والمحتاجين.. ولعل في مسجده الشهير جداً بالمهندسين ومشفاه الخيري خير دليل على ذلك. فلا شك أن الدكتور مصطفى محمود قد أثرى الحياة الثقافية والفكرية والعلمية والفلسفية، وإن اختلف معه البعض في الكثير من الأمور ولكن هذا لا يمنعنا جميعاً من احترامه.
تحية حب وتقدير لهذا العالم الجليل الذي قلما يجود الزمن بمثله، لكن يكفيه فخراً واعتزازاً حب الملايين من الشعب المصري والعربي. ونحن لا نملك سوى أن ندعو الله له بالشفاء وطول العمر وأن يجزيه على أعماله القيمة والمفيدة خير الجزاء.
* مدير البعثة التعليمية المصرية بالرياض