الشنطي والتحولات الإبداعية د. عالي سرحان القرشي
|
التحولات اللافتة التي شهدها أدبنا الحديث في الشعر والسرد والنقد كان الدكتور محمد صالح الشنطي حاضراً فيها، بل ومؤثراً بالمتابعة والرصد والرؤية، ولعل أول كتبه (متابعات أدبية) يقدم ضوءاً كاشفاً عما قدمه من أثر لاحق، إذ عني في هذا الكتاب بالتجارب الأدبية الشابة، وسلط الضوء عليها وعلى إبداعها بطريقة مختلفة في طريقة قراءة النص الأدبي مستفيدة من المناهج النقدية الحديثة، وخاصة تلك التي تستبطن النص، وتفكك دلالاته اللغوية، وتحيلها إلى نسيج جديد يقدم النص في ضوء رؤية أخرى، وكأن النص يتشكل من جديد بناء على مقوماته في ضوء هذه القراءة.. ثم تتالت بعد ذلك مشاركاته ومتابعاته عبر القراءات النقدية في الصحافة، والمنابر الأدبية في جمعيات الثقافة والأندية الأدبية، فكان شاهداً على التحولات، ودافعاً إلى بعضها، ومعضداً التجارب الجديدة.
وقد اتبع الدكتور الشنطي ذلك بالتوثيق الدارس الممحص في كتبه التي تتالت عن الحركة الإبداعية في المملكة وتحولاتها، مثل كتبه عن القصة القصيرة، وعن فن الرواية، وعن التشكيل في البناء القصصي، ثم عن التجارب النقدية، وما كتبه عن التجربة الشعرية الحديثة في المملكة.
ويبدو لي في هذه العجالة التي تخصص فيها (الجزيرة الثقافية) ملحقاً خاصاً عن تجربة الشنطي، أن هذه التجربة تتميز بميزات ثلاث هي:
الخبرة بتحولات الحركة الأدبية
وهذا ما تشهد به متابعاته، إذ إن الرجل عاش تحولات الحياة في هذه البلاد، وكان على صلة بكثير من المثقفين وأصحاب الرأي، فشهد العلاقة بين تحولات الحياة، وتحولات الإبداع عبر المتابعة لتجدد التجارب الإبداعية والثقافية، وتصور السياق الاجتماعي الذي تجري فيه هذه الحركة.
الانفتاح على التحولات الأدبية والنقدية
لم يكن الشنطي صاحب رأي منغلق، ينحصر في آراء مسبقة أو معايير متصورة لحركة الإبداع، بل كان صاحب رأي يحتضن الإبداع الثري، القادر على خلق مناخ متجدد للتعبير وللتصور الإنساني، ومن هنا احتضنت جهوده أعمال الإبداع الجيدة، ونظر إليها بتأمل لا يصادر، ولا يغلق تصوراً، ولذلك سارت جهوده مع هذه الجهود تقومها، وتباركها، وتفتح لها التصورات النظرية، وربما كان انفتاحه على النظريات النقدية الجديدة دافعاً له إلى هذه النظرة المواكبة المتقبلة.
الحرص على المتابعة الموثقة
وقد كان هذا الحرص ظاهراً في مؤلفاته عن الأجناس الإبداعية في هذه البلاد، والتاريخ لها، وقد ارتد ذلك بأثر واضح في الرصد المنهجي للتحولات الأدبية سواء على مستوى الأجناس الأدبية، أو على مستوى ما قدمه المبدعون في حقول هذه الأجناس.
وإنني إذ أحيي هذه الجهود، واحتفي بها مع هذه الأقلام أتمنى أيضا أن يقوم حوار علمي جاد من هذه القامة الثقافية التي تركت بصمتها في تاريخ الحركة الثقافية والأدبية في المملكة ولا أنسى أن أشير هنا إلى العرفان الجميل الذي قدمته وزارة الثقافة والإعلام لهذا الرجل في التكريم الرمزي الذي قاده معالي الوزير لهذا الرمز الثقافي الشامخ.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|