بيداقوجي أصيل Pedagogic
أحمد إبراهيم أحمد *
|
التقيت بالدكتور الشنطي في حائل على مائدة الثقافة، واختلفنا واتفقنا مثل جميع أبناء قبيلة المثقفين، وبقي الاحترام سمة ملازمة للعلاقة بهذا الرجل الذي يفرض عليك احترامه وحبه بدماثة خلقه وسلوكه شديد التهذيب، والذي يمنحك شعور المودة منذ اللحظة الأولى. ولم تكن القيمة الاجتماعية والعلمية والثقافية للرجل إلا أداة وصل بينه وبين الناس، فتواصل سواء على المستوى الفكري أو الإنساني مع جميع من عرفوه من كل الأجيال، ومارس الفعل الأدبي والثقافي أينما ووقتما أتيحت الفرصة. وبدا لي من خلال علاقتي بأبي صالح مدى التزامه كقارئ جيد بموقف يبقيه متقاطعاً مع معارف النتاج الفكري والإبداعي العالمي؛ دون أن يفقده ذلك التصاقه الحميم بالمعايير التي اختار أن ينتمي إليها من صميم المعرفة العربية، وحرصه أن يستخدم أدواته الخاصة التي اختارها طبقاً لمعاييره، ومطعماً إياها بمعارف إنسانية يختارها بدقة، مرتكزاً على تراثه المعرفي العربي. وأثبتت الأيام مدى ما يملكه الرجل من خصال سواء على المستوى الفكري أو الإنساني، فإلزامه الصارم نفسه بعمل نقدي، وظف له جميع أدواته المعرفية لإنجاز قراءة نقدية تاريخية ذات أبعاد وثائقية وتحليلية للإبداع السعودي؛ هو التزام ثقافي متميز يثير الاحترام، فقد علَّم وعلمنا كلنا أنه سيبقى جزءاً لا يتجزأ من تاريخ الفعل النقدي السعودي منذ اختاره بكامل إرادته كخيار علمي حر بعيداً عن أي توجيه أو مظلة رسمية.
فإذا أضفنا إلى ذلك ما أنتجه من مدونات تعليمية في مجالات تخصصه في اللغة والأدب العربي وهو كثير ومتميز بلا شك، وحرصه على ممارسة عملية التعليم سواء من خلال المؤسسة التعليمية الرسمية، أو من خلال رعاية الأستاذ لمن يطلبون عونه من طلابه أو زملائه، ويستمدون خبرة من خبراته في المجالات التي يجيدها ولم يبخل بها، تأكدنا أن هذا الرجل خُلق ليكون معلماً بالفطرة باعتباره بيداقوجي أصيل. واليوم إذ تفترق بنا الطرق ليمضي كل منا في طريق أملته ظروف الحياة التي لا تني تفرق أكثر مما تجمع، تبقى الثقة أن ما جمعته أواصر الفكر لن تفرقه قسوة الظروف، وأن حلم اللقاء باق دوماً في نفس الإنسان؛ هذا الكائن قليل الحجم عظيم القدر في هذا الوجود، ولن تستطيع الظروف مهما قست أن تسلبنا هذا الحلم في أن نلتقي، فقد علمتنا نفسها الأيام أن الجبال لا تتلاقى لكن الرجال تلتقي.
* عضو اتحاد كتاب مصر
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
