تمتد خبرتي في العقار ما يقارب 25 عاما، وكنت ألحظ الكثير منا يهتم سواءً في العقار أو في جميع شؤون حياتنا بكم العلاقات، وليس بكيفيتها والتي تعتبر هي منطلق النجاح في جميع أمور حياتنا التي غابت عن كثيرٍ من الناس.
النجاحُ بعد توفيقِ الله يكمن في الشخص نفسه وهو الأساس ، ثم في المحيطين به ومن هم حوله وهم المساندون له في نجاحه من عدمه، فحينما يكثرُ الإنسانُ من العلاقات، كما يقالُ في العامية ( من كل هب ودب )، دون تحديد الأهداف ودون تمييز الأشخاص.. هل هم إيجابيون أم سلبيون في حياته.
وبعد سنواتٍ من عمرهِ يكتشفُ أنه يعيشُ في دوامةٍ من الصراعِ مع نفسهِ ويكتشفُ الحقيقةَ المُرة أنهُ خرجَ خالي الوفاض من كلِ شيء لانجاح ماليا ولا أُسريا ولا اجتماعيا ولا نفسيا ، ثم بعد ذلك يجعلُ القَدرَ شماعةً لأفعاله الخاطئة .
إن الحقيقةَ المرةَ التي يجبُ أن لا نغفلها مع أنفسنا حتى لا نندم هي المراجعةَ النفسية والشخصية، والتراجعُ عن الأخطاء التي ارتكبت قبل سنة أو سنوات في أعمالنا وعلاقتنا مع الآخرين، إذا أردنا فعلا النجاح لابد من التغير والتغيير بأنفسنا قبل غيرنا، وإلا سيمرُ من حولنا القطار ويذهبُ بدون ِرجعة، ونحن ندفع مرارة العناد والكِبر في محاسبة النفس وحينا إذا لاينفع ساعة ندم ، هذا إذا ما كنا آسرينَ لعاداتنا وطبائعنا التي كثيرٌ من الناس مأسور فيها وهو لا يعلم . هذا النوع لاتصلحُ له هذه الرسالة ( أبو طبيع ما يغير طبعه) فمثلًا العلاقات في العقار تجد شخصًا يعرفُ ثلةً من العقاريين ولكن النتيجة صفر لماذا؟ لإنه أهتم بالكم وليس بالكيف فجمع بين الصادق والخائن والكريم والبخيل، والمراوغ والواضح والحسود والودود ، والكسول والمجتهد ، فضيعَ عملهُ ووقته وعمره بلا تركيز وصار مشتتًا ، فتعاملَ مع أشخاص مخادعين يريدُون أن يستفيدوا منه دون أن يستفيدَ منهم أو يريدون الكعكةَ كاملةً لهم بدون أن يتقاسمها مع الآخرين الذين عملوا وتعبوا معه ،
، ويكون بذلك فقدو شرف المهنة وأخلاقيات المصالح التي توجب عليهم حفظَ حقوقِ الآخرين وعدم أكل أموال الناس بسببِ الطمعِ والجشع ويكون منهجهُم في التعاملاتِ العقارية وغيرها ( الغايةُ تبرر ُالوسيلة) كأصحاب السبت حينما نهاهم الله عن الاصطياد، ولقد ابتلاهم اللهُ عزَ وجل، بأن جعلَ الحيتانَ تأتي يوم السبت للساحل، وتتراءى لأهلِ القرية، بحيث يسهلُ صيدها. ثم تبتعدُ بقية أيام الأسبوع. فانهارت عزائمَ فِرقةٍ من القوم ، (واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْت» سورة الاعراف.مسخهم الله قردةً وخنازير لأنهم خالفوا أمرهُ بأن اصطادوا يوم السبت، اليومَ الذي حُرِمَ عليهم الصيد فيه ، وذلك بأنهم يحتالون على الله في وضع شباكهم يوم السبت لاصطياد الأسماك ويجلبونها يوم الأحد من البحر كأنهم بحيلتهم هذه قد نجوا من العقاب فعاقبهم الله بعذابٍ من عنده فمسخهم اللهُ قردةً وخنازير ( فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ)، «الأعراف: الآية - 166»،وهذه من حيل الشيطان التي يبرر للإنسان أكلَ أموالِ الآخرينَ بغيرِ حق
وأكثر ما يفسدُ المبيعات هم السعاة لحسدِ بعضهم لبعض أو إخراج بعض من سعى معهم ليكثرَ نصيبهم، ولا يعلمون أنهم بهذا يحسدونَ أنفسهم وهم لا يشعرون كحسدِ إبليسَ على آدم ( مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) (12 الأعراف) قال أنا خير منه..
قال ابن الجوزي رحمه الله في زاد المسير
(والحسد أخسُّ الطَّبائع، وأوَّلُ معصيةٍ عُصيَ اللهُ بها في السَّماء: حسَدُ إبليس لآدمَ، وفي الأرض: حسَدُ قابيل هابيلَ فكانت النتيجة الخسارة من الجنة) وعلى العكس صار بعضهم مديونًا بعد سنوات من العمل وذلك لدخولهِم بالمجال بدونِ أن يميزَ بين الصفوف ويختار الصادقَ من الكاذب مجردَ أحلامٍ ووعود من أشخاص غير صادقين وتجميع الأشخاص بدونِ تنقيةٍ وتصفية تكون النهايات أليمةً ومخزية في أي عملٍ تجاري وخاصة العقار وأقلُ شيءٍ أن يترك المجال لأنهُ أنصدمَ من أشخاصٍ فيهم طبائع الحيالين والنصابين وبالأصل هو السبب لأنه لم يكلفَ نفسهُ في البحث عن الأشخاص الصادقين والخبرات التي لها باعٌ في السوق تختصرُ لهُ الطريق بدلًا من المرورِ في التعثرات وتكون النتائجَ وخيمةً، ويكتفي بالكيف وليس بالكم حتى لا يقعَ فريسةَ من لايخافُ الله.
** **
- هيثم بن عبدالله الزغيبي