واضح أن أطماع الفيفا «المادية» والاتحادات القارية التابعة له، ستعصف بجماليات كرة القدم وتشوهها وإضعاف قوة المنافسة وروح التشويق بتلك الوضعية الخطيرة التي تدار بها كرة القدم حالياً بمبدأ «زيادة المكاسب المادية على حساب صحة الأوادم»!. فهو بهذه الطريقة ساهم ويساهم بحدوث الإصابات والإرهاق البدني للاعبين - خاصة الإصابات العضلية - على مستوى العالم والناتج عن قرار زيادة عدد المنتخبات والأندية المشاركة في بطولاته، وبالتالي كثرة المباريات وضغط الجداول، وكأنه يتعامل مع «ريبوتات» وليس بشراً لهم طاقة تحمل مهما كانت مستويات التدريب.
الجداول المزدحمة للمباريات يجعل من الصعب على اللاعبين الحصول على قسط كافٍ من الراحة والتعافي، مما يؤثر على أدائهم البدني والعقلي نتيجة لتعرضهم للإجهاد النفسي والقلق، فيتراجع أداء الأفراد والمجموعة بصورة واضحة بسبب فقدان التركيز، اتخاذ القرارات، والمهارات الفنية للاعب، وقد ظهر ذلك جلياً في مختلف المباريات.
أمر آخر، وهو ما يسمى بـ«حرق المراحل»، حيث إن كثرة المباريات يدفع بعض اللاعبين الشبان إلى بذل مجهود زائد عن الحد في محاولة لإثبات أنفسهم سريعاً، مما قد يؤدي إلى إصابات مزمنة دون الحصول على فترات راحة واستشفاء كافية.
ومع تتالي المباريات وتقلب النتائج ومفاجآتها تتولد توقعات عالية من قبل الجماهير وإدارات الاندية وتتصاعد الضغوط الإعلامية والانتقادات الحادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي ينتج عنه المزيد من الضغوط والتأثيرات السلبية على اللاعبين، ومما يزيد الأمور تعقيداً هو قلة عمليات تدوير اللاعبين - خاصة النجوم والثابتون في تمثيل الفرق - وإراحتهم بشكل دوري لمنحهم المزيد من الراحة والحصول على فرص للتعافي بسبب تداخل البطولات وحرص الاندية على كسب البطولات، وتجنب الخروج المبكر من سباق المنافسات خوفاً من ردة فعل المدرجات.
التحول الجديد لدى الفيفا وجد انتقادات واسعة من قبل رؤساء الأندية في مختلف قارات العالم، كان في مقدمتهم فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد الإسباني، الذي شن هجوماً محموماً وشديداً على هامش اجتماع الجمعية العمومية للنادي، حينما هاجم الفيفا واليويفا بضراوة مستنداً على أرقام وإحصائيات.
أكد أنه في كأس العالم للأندية قبل عشر سنوات أقيمت 488 مباراة والآن 760 مباراة لأجل كسب المزيد من الأموال دون النظر للاعبين، وإن لاعباً مثل بيلينجهام سيبلغ 21 عاماً بعد أن يكون قد لعب 251 مباراة، بينما كان بيكهام في عمره قد لعب 54 مباراة..! وأوضح أن ريال مدريد يمكن أن يلعب 82 مباراة بزيادة 63 % في عدد المباريات.
وكأمثلة عما نتحدث عنه أن بطل أوروبا ريال مدريد تعرض 18 لاعباً من أصل 22 لاعباً في الفريق الأول لإصابة واحدة على الأقل في هذا الموسم. فيما برشلونة اصيب منه 18 لاعباً هذا الموسم أيضا غالبيتها اصابات عضلية. أما مانشستر سيتي فتعرض 8 لاعبين على الاقل من أعمدة الفريق لإصابات متفرقة.. فيما اليونايتد تعرض أكثر من 11 لاعباً لإصابات اغلبها عضلية.
وختاماً، وحسب إحصائيات ودراسات أجريت مؤخراً فإن الإصابات في الدوريات الأوروبية الكبرى تزايدت بشكل ملحوظ، حيث أكدت تلك الدراسات أن موسم (2023-2024) ارتفعت خلاله نسبة الإصابات (37 %) مقارنة بموسم 2020-2021 وذلك بعد أن حدثت خلاله 4123 إصابة، بزيادة 4% عن الموسم الذي سبقه.
فهل يتراجع الفيفا أمام تلك الضغوط؟ ام يمضي في تنفيذ خططه غير مكترث بالعدد المأهول من الاصابات التي تضرب في كل مكان؟.
** **
- فرحان الجارالله