جاسر عبد العزيز الجاسر
تندبُ منظمة الأمم المتحدة والهيئات المتخصصة المنبثقة منها، ممثلين لها ومندوبين، عادة ما يكونون من كبار الدبلوماسيين الذين يعملون في مكاتب منظمة الأمم المتحدة والهيئات المتخصصة سواء في نيويورك أو جنيف أو فيينا.
هؤلاء الدبلوماسيون والسياسيون، ما إن يكلفوا بإحدى المهام، ويندبوا للعمل للتوسط لحل إحدى القضايا العالقة، أو للتصدي لأزمة دولية عصية، وهي مهام دأبت الأمم المتحدة على القيام بها، وتكليف دبلوماسيين وسياسيين وخبراء مختصين في مهامهم، كخبراء التفتيش عن الأسلحة النووية، وخبراء الأسلحة الكيماوية، وطبعاً مثل هؤلاء يكلِّّفون مبالغ مادية كبيرة ترهق ميزانية المنظمة الدولية، وبالتالي فإن الأمين العام للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي أو الهيئات المتخصصة، كوكالة الطاقة النووية ومنظمة مكافحة الأسلحة الكيماوية، يأملون أن يساعد من يتم ندبهم وإرسالهم إلى مواقع الأزمات، وأن يعملوا على حل الأزمات وتوفير مفاتيح لحل المشاكل الدولية والإقليمية، وإذا ما أفلحوا وحققوا الغرض الذي من أجله أُرسلوا إلى هناك، فإنّ كل ما صُرف عليهم وعلى الفرق المرافقة لهم من موظفين وسكرتارية وخبراء وحراس أمن غير مأسوف عليه، طالما أنّ السلام والأمن الدوليين قد تحققا، وأنّ إحدى الأزمات أو القضايا الخطرة قد تمّت معالجتها وإنهاؤها، لصالح المنطقة، أو الإقليم الذي كان استمرار الأزمة يهدد أمنه واستقراره، وكلّ صرف وما رُصد من أموال وما بُذل من جهد ووقت، قد حقق ما وُضع وخُصِّص له، مهما كانت المبالغ كبير والجهود مضنية.
أما إذا أخفق ممثل الأمم المتحدة أو المبعوث الأممي في تحقيق الهدف الذي أُرسل من أجله، أو أن تصبح الأزمة أو القضية التي أُرسل من أجل حلها، أكثر تعقيداً، وأصبحت عصية على الحل، نتيجة أخطاء ارتكبها ذلك المبعوث، بسبب قناعات مسبقة لهذا المندوب، أو انحيازه لجهة ضد أخرى، وحتى وقوفه مع طرف ضد كل الأطراف الأخرى، مثلما فعل المندوب الأممي لليمن السعيد جمال بن عمر، الذي غطى وشرعن كل ما قام به الحوثيون، والذي خدع وغش كل الأطراف اليمنية، ماعدا الحوثيين الذين كانوا يستضيفونه في معقلهم «صعدة» فيما كانوا يجتاحون صنعاء.
الممثل الأممي الآخر ستيفان دي ميستورا المرسل من قِبل الأمم المتحدة للمساعدة في حل الأزمة السورية، هذا المبعوث الأممي الذي خلف كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، اللذين فشلا قبله في حل هذه الأزمة المستعصية، وقع في نفس أخطاء من سبقاه، وذلك بإصراره على مشاركة إيران التي هي أحد المعرقلين لحلها بدلاّ من المساعدة في حلها، والميل لنظام بشار الأسد.
وهكذا ومثلما فعل بن عمر، يفعل دي ميستورا بإفشال حلول هاتين الأزمتين مثل غيرهما ممن مثلوا الأمم المتحدة، والذين كلفوا مئات ملايين الدولارات وأضاعوا وقتاً طويلاً في حل الأزمات الدولية، مما يتطلّب ليس فقط إبعادهم، بل وحتى محاسبتهم، خاصة وأنّ بعض مواقفهم تثير العديد من التساؤلات، خاصة في الميل لنظام ملالي إيران في جميع القضايا والأزمات الإقليمية التي تسبب في إشعال فتنها.