هذان المعارضان أو المنشقان، سعد الفقيه وعبدالله المسعري، هما (تُحَفٌ) في كل شيء. هربا إلى الخارج وإلى لندن تحديداً قبل أكثر من عشرين عاماً بهدف إنشاء جبهة معارضة سياسية (متأسلمة) هناك؛ وكانت الصحوة حينها (ملعلعه). تلقاهما آنذاك بالأحضان عددٌ من أجهزة المخابرات العربية والأجنبية واتخذوهما (مخلب قط) لتصفية بعض حسابات دولهم مع المملكة. الفقيه إخونجي حتى الثمالة أما الآخر فيدعي أنه ينتمي إلى (حزب التحرير الإسلامي) الذي أنشأه الفلسطيني تقي الدين النبهاني. ولأن بين الإخونج والتحريريين (ما طرّق الحداد) كما هو ديدن المتأسلمين دائما أفراداً وجماعات لم يدم تحالفهما إلا وقتا قصيراً انتهى بالطلاق البائن؛ وتأزم الموقف أكثر بعد الخلاف على (قَش مكتب المعارضة)، فالفقيه يدّعي أنه أحق به والمسعري يُصر على أن المقتنيات من حر أملاكه. وبعد جولات وصولات ومفاوضات معقدة وشائكة تدخل فيها رهط من رواد (السبيكرز كورنر في الهايد بارك) وكذلك متسكعي (الإيجوارد رود) العرب في لندن خلصا على أن يقتسما (القَش)؛ لتصبح (ماصة) المسعري للمسعري و(ماصة) الفقيه للفقيه وكل (يضف قَشه ويمسك الباب) ويُغلقا المكتب.
الفقيه أنشأ فيما بعد قناة تلفزيونية من (حُجرة) أو (جُحر) في شقته في لندن مولها من عدة جهات على رأسهم الإيرانيون طبعاً يتولى (منفرداً) كل مسؤوليات العمل فيها، فهو المذيع والمعد والمنتج والمخرج أما الكاميرا فثابتة؛ بينما يُنسق مكالمات المتصلين أجير عربي في لندن يدّعي أنه سعودي. الإيرانيون اشترطوا عليه أن يتحدث في أي شيء من شأنه التحريض على هز الأمن في المملكة شريطة ألا يتعرض لموضوع الشيعة. الإخونج في المملكة، وبالذات يرقاتهم من السروريين، اعتمدوا - كما هو معروف - على سياسة إثارة النعرات المذهبية كوسيلة لتحريض الفئات المكونة لمجتمعنا بعضها على بعض لعل وعسى أن يكون لهم من (الخبصة المذهبية) فيما لو حدثت أملاً وموطئَ قدم؛ غير أن الفقيه (تمرّد) على تعليمات الاخونج مضطراً، ولم يواكب (ربعه) في الداخل؛ وكان يطلب من المتصلين على قناته (بحزم) ألا يتحدثوا عن الخلاف بين السنة والشيعة في المملكة؛ لأن سماحه بالتطرق لهذه المواضيع، وانحيازه للسنة ضد الشيعة، يعني أن الشريان الإيراني الذي يمد (دكانــه) المعارض بالحياة سيتوقف.
لذلك كان (يقمع) كل من تعرض للشيعة لا إيماناً بلحمة فئات مجتمعنا وإنما كي لا تغضب طهران.
ومن الملاحظ أن سعد الفقيه عجز أن يخرج في معارضته السياسية من كراهيته وحقده العميق الذي يُكنه تجاه زميله (التحريري) وعدوه الحالي المسعري.. المسعري يطرح نفسه كمنظر عقدي ألف كتباً عن العقيدة لوى فيها أعناق الأدلة لتكون معارضته السياسية ذات صبغة عقدية في النتيجة، وليكون (شيخاً) لا فيزيائياً. فالفيزياء - تخصص المسعري الأصلي - في زمن الصحوة كانت لا تُؤكِلُ عيشاً سياسياً مثل أن تكون واعظاً أو راقياً أو مفسر أحلام مثلاً. في حين أن الفقيه مجرد (مهايطي) مثله مثل أي محرج يُسوّق سلعاً مهترئة في (حراج ابن قاسم) في الرياض لا اكثر. شَكّلَ خطاب المسعري المتفوق نسبياً على الفقيه (عقدة) لم يستطع خلال (هياطه) المعارض أن يُخفيها، لذلك تجده يلجأ بين الحين والآخر إلى التفاخر بنسبه الذي يعود إلى بني تميم القبيلة العربية المعروفة؛ وهو في فخره هذا يحاول أن (يغيظ) المسعري ويحط من مكانته وقدره؛ فالفقيه يدّعي ويؤكد أن المسعري لا يُضاهيه في نسبه القبلي (كذا)، فيكاد أن ينفجر المسعري حسرة من هذا الانتقاص؛ وبدلاً من أن يُوجِّها جهودهما ضد حكومة المملكة (صار حيلهم بينهم)!
وختاماً أقول : لعل من توفيق الله بهذا الوطن أن معارضيه هم من هذه النوعيات (الكحيانة) والمضحكة والهزلية والهزيلة التي لها أكثر من عقدين من الزمن وهي تنتقل من فشل إلى فشل ومن إحباط إلى إحباط. ومازلت أتذكر مظاهرة حَثّ عليها الفقيه قبل سنوات وسماها (الزحف الكبير) فلم يزحف حينها إلا (الفَلَس). ولأنه أحس بعد فشله المتكرر أنه بات اسماً ملوثاً كمعارض لجأ إلى (حيلة المفلسين) وهي الكتابة في (تويتر) تحت اسم مستعار هو (مجتهد) مثله مثل آلاف الأسماء المستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي؛ وكفى بذلك إفلاساً.
إلى اللقاء.