من بين الأمور التي يصعب على أصحاب المبادرات تعلّمها فعلاً أنّ أفضل ما يمكنهم فعله، في معظم الأحيان، هو الابتعاد عن الطريقة التقليديّة لإنجاز الأعمال، في ما يشكّل أهم ركيزة لما أعتبره «إدارة بأقل قدر ممكن من التدخّل».
وتعكس الفكرة المعاناة التي تختبرها الشركات الناشئة التي تركّز على التكنولوجيا، على صعيد معاودة تحديد دور مدرائها المحترفين. وشاءت العادة أن تكون هذه الشركات خاضعة لإدارة مهندسين ومبدعين، بدلاً من أن يقودها أشخاص حائزون على شهادات ماجستير في إدارة الأعمال. وعلى الأقل في سليكون فالي، تتحوّل المهام الإداريّة إلى وظيفة تشغيلية أخرى، على غرار إعداد الرواتب، والمالية، والمبيعات، وهي كلها مهام تهدف إلى تسهيل عمل الأشخاص المحترفين على الصعيدين التقني والإبداعي، الذين يقومون بأصعب المهام.
وفي عالم من الإدارة بأقل قدر ممكن من التدخّل، تترتب على المدراء ثلاث مهام، هي تعيين الموظّفين، وإحراز تطوّر، وخدمة موظّفيهم، إلى جانب ضرورة إقالتهم لبعض الأشخاص.
ويُشكّل تعيين أفضل الأشخاص أسهل طريقة لتطوير مؤسسة عالية الأداء وتنافسية. وإن لم تحسن في تعيين الأشخاص، ستمضي معظم وقتك كمدير يحلّ قضايا الموظفين، وترى أنك تنفق 75% من وقتك وأنت تحلّ المشاكل. وإن أحسنت في عملية التعيين، أمكنك استثمار المزيد من الوقت على مسائل على غرار الاستراتيجية، والابتكار، وتحديد الأهداف. يبدو الجواب واضحاً. وقد تكرّس الإدارة معظم وقتها على تعيين عنصر من فئة «ت+» وتحويله إلى موظّفة من فئة «ب-»، أو على تعيين موظّف من فئة «أ-» وتحويله إلى موظّف لامع من الفئة «أ». فأين تريد أن تمضي الإدارة وقتها؟ يبدو الجواب واضحاً.
أما المهمة الثانية، فتقضي بتطوير طاقم الموظفين. ومن المعلوم أن مديراً جيداً لن يجعل الناس يدورون في دوامة، بل سيحثهم جميعاً على العمل بوتيرة متزامنة. ويبدأ ذلك بمنح أولوية واضحة للأشخاص ولإيصال الخبر بصورة جيّدة عن مجرى الأحداث في المؤسسة– وعن ماهية القرارات المتخذة وعن سبب اتخاذها، علماً بأنّها مسألة توظيف أشخاص وجعلهم يتحسنون بنسبة 10%، أو 20%، أو 50% عما أمكنهم أن يتصوّروه يوماً.
وعلى خلفية ذلك، كرّس جهوداً كبيرة للإحسان في التعيين، وللعمل على التطوير الحثيث لموظّفيك، علماً بأنّك سترتكب بعض الأخطاء في نهايةالمطاف، فالوظائف تتبدّل، والأشخاص لا يرتقون بمقامهم لتبوّء أدوار جديدة. إلى ذلك، تشهد المؤسسات تغيّراً هي التالية، ومن الضروري أن تفهم من هم الأشخاص القادرون على التحسّن، ومن منهم يفتقر بكل بساطة إلى الكفاءة.
ومن الضروري أن يعرف المدراء الفرق بين الاثنين، حيث إن التخلّص من موظّفين من الفئة «ب» يتأتّى بتكاليف عالية، إن كان يتمتع بمهارات موظّف من فئة «ب+» أو حتّى «أ». ولكن إن لم يفعل، فمن الضروري اتّخاذ قرار سريع في هذا الشأن، لأنّ المؤسسات تميل إلى التراجع حّتى تبلغ مستوى الأسوأ فيها. وإن كنت توظّف مجموعة موظّفين من الفئة «ب»، ممّن لا يحرزون أيّ تقدّم، ستبدأ مؤسستك بالتراجع إلى مستواهم.