حينما يُضرب المعلمون ويُقتلون!

أثارت حادثة المعلم المضروب من لدن طلابه الأسى في نفسي، وأجزم أن كل نفس سوية يؤلمها ما حصل للمعلم من اعتداء وضرب أدى لنزيف في دماغه، إضافة إلى ضعفٍ في السمع وتهتك في أسفل القفص الصدري.

إن انهيال خمسة طلاب في إحدى مدارس الدمام الثانوية على معلمهم بالضرب يعد نقطة سوداء في ميدان التعليم الذي ينبغي أن يحفظ للمعلم كرامته ويحافظ على قيمته كما يحفظ للطلبة حقوقهم وكرامتهم.

ولئن تم توقيف الطلبة لدى الجهات الأمنية لحين عرضهم على هيئة التحقيق والادعاء العام؛ فإن القضية ليست جنائية بين خصمين عدوين؛ بيْدَ أنها بين مربٍ وطلابه الذي يفترض أن تكون العلاقة بينهما تقديرا واحتراما، وما يؤسف له أن المعلم أصبح بلا هيبة لعدم وجود عقوبة واضحة وتوعية للطلاب بحقوق معلميهم ووجوب احترامهم بدلا من حالات العنف التي باتت لا تغيب عن المدارس سواء من لدن المعلمين لتلاميذهم بهدف عقابهم أو بسبب ردود الفعل من قبل الطلاب، حيث لا يكادون يحتملون توجيها أو إرشادا على سلوكياتهم الخاطئة أو تصرفاتهم السيئة أو ألفاظهم النابية!

ألا يدرك الطالب قيمة معلمه وشرفه وقدره الذي أوجزه أمير الشعراء بهذا البيت الجميل:

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي

يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا؟!

وألا يدرك المعلم أن العلاقة بينه وبين تلاميذه علاقة أبوية لا يشوبها استعلاء ولا استعداء؟ بل هي فرصة للتربية حيث يتعلم الطالب من معلمه حسن الخلق والأسلوب الراقي بالتعامل والإحسان بمفهومه الواسع.

ولئن فشلت المناهج الدراسية في تأصيل دور المعلم ومكانته وقيمته في المؤسسة التعليمية؛ وهو أمر ملموس فإنه جدير بوزارة التربية والتعليم تعميق هذا الدور بنفوس الطلاب من خلال المعلمين أنفسهم وتمثيل القدوة الحسنة، فضلا عن تعزيز فاعلية التنظيمات واللوائح الخاصة بضبط السلوك وتنفيذها لتحقيق العملية التربوية والتعليمية ودعم الجوانب التي تحفظ المجال التعليمي من الأذى المعنوي أو الحسي.

إن حادثة المعلم في الدمام تعيد لنا الحادثة المأساوية للمعلم محمد برناوي الذي قـتله أحد الطلاب بجيزان حينما تدخل لفض خلاف بين طلابه، ليعترضه أحدهم بسكين موجها له عدة طعنات في الفخذ، وتوفي بعدها مباشرة.وأخشى أن تتحول هذه المواقف إلى ظاهرة، إن لم تعالَج البيئة المدرسية من شوائبها!