تابعت - بعناية واهتمام - الموضوع الاجتماعي الذي أثير في معظم وسائل الإعلام، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وهو موضوع سياقة المرأة للسيارة، وهو موضوع قديم، لكن الجديد في إثارته هذه المرة، هو الحدة التي تميز بها الطرح الإعلامي، واتساع دائرة تداولها، حتى وصل الأمر إلى الدعوة إلى التظاهر والتجمع، وغير ذلك.
وبعد هدوء عاصفة التداول تأييداً واعتراضاً، وانكسار حدة المناقشة، أحاول أن أبرز حديث العقل والمنطق ؛ لأنه حديث يتوارى غالباً في حالة ارتفاع صوت الجدل، ومحاول الانتصار للرأي مهما كان. وأظن أن مفتاح المناقشة الهادئة، والمعالجة المنطقية، هو السؤال: ما ترتيب موضوع سياقة المرأة في سلم الأولويات المتعلقة بشؤون المرأة في مجتمعنا السعودي؟ لأنه إن كان هذا الموضوع يأتي في صدارة الأولويات كان منطقياً مناقشته، وإيلاؤه هذه الأهمية التي رأيناها، وكان ذلك في مصلحة المرأة السعودية. وإذا لم يكن في سلم الأولويات أصلاً - ناهيك عن أن يكون في صدارتها - كانت مناقشته محاولة للتغطية على الأمور المهمة، والموضوعات الحيوية التي تؤرق واقع المرأة السعودية، وتقض مضجعها، وفي هذا إضرار بالمرأة نفسها، إما عن قصد أو غير قصد؛ وبالمثال يتضح المقال : فعندنا امرأة معلقة، لاهي متزوجة ولا مطلقة، وقضيتها معلقة في المحكمة ثلاث سنين وأكثر، يسومها أشد أنواع الألم، فهل الأولى أن نناقش كيف يمكن معالجة حالة هذه المرأة بما يخرجها من محنتها ومعاناتها، أم نثير موضوعاً قد لا يخطر ببالها أصلاً، ونغطي عن معاناتها، وعدم إبرازها وفي ذلك إطالة - بدون شك - لمحنتها.
فمن الأولويات - من وجهة نظري -:
أولاً: موضوع العنوسة ؛ لأنه يتعلق بأحق حقوق المرأة الفطرية، وهو حقها في الاستعفاف بالحلال، وتكوين أسرة، وتحقيق حاجتها الفطرية إلى أن تكون أماً.
ثانياً: ظاهرة تفشي الطلاق، وإهدار كرامة المرأة باعتبارها منبوذة، لكونها مطلقة، مع مايصاحب ذلك من ظلمها، وعدم الإنفاق عليها وعلى أولادها، وحرمانها من رؤية أولادها.
ثالثاً: عضلها، ومنعها من الزواج ؛ الأسباب مهينة للمرأة، فهناك من يجعلها وقفاً على ابن عمها، أو قريبها، لاتتزوج غيره مهما كانت أخلاقه وأمانته، وسواء أحبته أو كرهته، فلا إرادة لها ولا اختيار، وهناك من يعضلها حتى يستمر في أخذ راتبها، وإهدار حقها، والتمتع بشقائها وعذاباتها.
رابعاً: حرمانها من حقها من الميراث إما بعدم توريثها أصلاً، وإما بالاستيلاء على حقها مما ورثته.
خامساً: معالجة أحوال النساء المعنفات، والمظلومات، والأرامل، واليتيمات، وذوات الاحتياجات الخاصة.
سادساً: معالجة ما تتعرض له النساء من التحرش والمضايقات سواء في أماكن العمل أو في الأسواق والطرقات حتى وصل الأمر إلى ملاحقة بعض الشباب لحافلات نقل الطالبات وتعريض سلامتهن للخطر والحوادث.
لا أظن أن عاقلاً يجادل في أن ماذكرته يعد من أولى أولويات شؤون المرأة، ومن أهم الأمور التي تمس حياة المرأة الضرورية، فتعالوا بنا - أيها الغيورون على حقوق المرأة - نعالج هذه الموضوعات الحيوية والضرورية، وبعد الانتهاء منها، نخوض في موضوعات أخرى، كموضوع سياقة المرأة، وتفصيل القول فيه، والموازنة بين السلبيات والإيجابيات والمصالح والمفاسد برؤية وطنية.. والله ولي التوفيق.