في مقالته التي نشرتها صحيفة الجزيرة في العدد 14993 عن عيد الأضحى، إذ وصف الزميل الدكتور محمد العوين حال مدينة الرياض بأنها مملة، معتمداً على تقرير صحفي نُشر قبل أشهر، كما يقول الزميل، وأكد أن أهل الرياض يفرون منها في المناسبات والأعياد الدينية والوطنية، فكل على ليلاه يغني، هناك من يريد السينما والملاهي الكبيرة والمسارح ورفاهية البحر وانفتاح الأسواق بعيداً عن الضغوطات. وأكد في مقالته أن أهل الرياض يشدون الرحال كلما حانت الفرصة ليسافروا، فالرياض مدينة عمل لا مدينة كسر الملل والروتين.
الخلل لا يكمن يا دكتور فيما توفره مدينة الرياض من مساحات لكسر الملل، بل الخلل الحقيقي في العقليات التي تعد كل ما تقدمه الرياض مملاً. في الرياض هناك بعض الأفكار وبعض العقليات مختلفة تماماً عما هي عليه حين تغادرها، في الرياض يكون بعض أهلها متشددين منغلقين، وسبحان ربي كيف بهم ينقلبون 180 درجة فور مغادرتهم، حين تراهم خارج الرياض ولم تزر الرياض من قبل ستعتقد أن الرياض هي المدينة الأكثر متعة في العالم، هي الثقافة يا دكتور وليست الإمكانيات وما يتوفر منها.
لست متشائماً لأنني حقيقة أرى الرياض دائماً ممتعة، بل وأشدد على أن مساؤها هو الأجمل بين مدن العالم، ولن أنكر أنني أسافر بين الفينة والأخرى لأسباب متعددة، لكني أبداً لا أشعر في الرياض بملل، ففيها من خصائصها الكثير، ما يجب أن نفهمه ونعيه أنه حتى في تلك البلاد التي نشد لها الرحال تحوي ما نراه نحن متعة فإن أهلها يرحلون منها لأنهم ملوا ما عندهم، أليست يا دكتور إرضاء الناس جميعاً غاية لا تُدرك.
كيف إذا نحول الرياض إلى مدينة ممتعة برأي الأغلبية وأولهم أنت أخي الدكتور، هل هي معقدة لهذه الدرجة العملية؟ هل نقفل الملف ونستسلم للأمر؟ أليس من الواجب أن نقدم للناس القدوة المثلى في تصرفاتنا وخطواتنا، كيف نطلب من الناس أن يروا الرياض ممتعة ونحن نعلن في كل ساعة أنها مملة، هل نحن فقط نبرر لتصرفاتنا ورحيلنا الدائم عنها؟
المشكلة أيضاً تكمن في أننا لا نحاول أن نغير أنفسنا، أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكوب، في أجواء كأجواء الرياض يمكن لنا أن نوجد المتعة من تحت التراب، إن رغبنا حقاً بذلك، لم لا نقدم مشروعاً نعمل عليه جميعاً اسمه على سبيل المثال «السنة هذي سنة الرياض»، مشروع يدعو إلى البقاء فيها والتأسيس لعمل مشترك جماعي مدعوم من إمارة منطقة الرياض وأمانتها، لنزور كل بقعة في الرياض ونرى أين الخلل ونقدم اقتراحات لمعالجتها.
لا يكفي أن ننتقد وأن نصف حالنا بشكل غير إيجابي، إن لم نسع لتقديم الحلول والمساهمة فيها، فنحن لا نستحق أن نعيشها أو نعيش فيها، تستحق الرياض منا أن نفاخر بها العالم كله، فلها خصوصيتها كما لكل مدينة في العالم خصوصيتها، هي دعوة للعمل والتكاتف ولن نيأس فبداية الألف ميل تبدأ بخطوة، والخطوة تحتاج إلى دعوة كما الدعوة تحتاج إلى قدوة، فلنكن نحن القدوة يا دكتور.