حث تقرير اقتصادي متخصص دول مجلس التعاون الخليجي على إدراج فكرة إنشاء شبكة للغاز موحدة في قائمة أولوياتها كخطوة احترازية لتجنب الوقوع في معاناة شح هذا المنتج باعتباره المصدر الثاني من مصادر تلبية الاحتياجات الطاقوية في المنطقة.
وقال التقرير الصادر عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية، إنه من المستبعد أن يؤدى تواجد أكبر احتياطي للغاز في إيران وقطر إلى إنقاذ دول الخليج من المشاكل المستقبلية التي ستتعرض لها والمتعلقة بنقص الغاز، مضيفا أن ذلك النقص الكبير في موارد الغاز يحدث في الوقت الذي تتوفر فيه لدول المجلس فرص أفضل وأقل تكلفة لتلبية احتياجاتها من الغاز وذلك من خلال إقامة شبكة خليجية متكاملة بين الدول الأعضاء ما سيعزز النمو في الدول المصدرة والمستوردة ضمن تلك الشبكة.
وأشار إلى أن الدول المصدرة ستستفيد من انخفاض تكاليف النقل التي تشكل نسبة كبيرة من قيمة الغاز وذلك بفضل إمكانية مد خطوط الأنابيب بين دول متقاربة وفي نطاق جغرافي محدود. أما الدول المستوردة فبالإضافة إلى تكاليف النقل المنخفضة فستحصل على إمدادات غاز مضمونة ولا تخضع لضغوطات سياسية بفضل التحالف والعضوية في مجلس التعاون الذي تجمع دوله مصالح مشتركة وعلاقات تاريخية مميزة، وذلك إلى جانب تلبية احتياجاته من الطاقة لتنمية قطاعاته غير النفطية.
وأوضح التقرير أنه من مميزات التعاون الخليجي في ذلك الجانب عدم التأثر بمحاذير التعاون الإقليمي الخاضع للتقلبات السياسية فالسوق الخليجية المشتركة أصبحت قاسما مشتركا لدول المجلس، كما أن تأثر أي سوق خليجي سيجد له انعكاسات في الأسواق الخليجية الأخرى ما يعني أن تكامل أسواق دول المجلس أصبح حقيقة تجد انعكاساتها الإيجابية على كافة الدول الأعضاء في التجمع الخليجي. لافتا إلى أنه ربما هناك محاذير فنية تتخوف منها الدول المصدرة أي تلك الخاصة بالأسعار، إلا أن تلك مسألة يمكن تجاوزها بسهولة من خلال اتفاق طويل المدى يحدد الكميات والأسعار على غرار الاتفاق (العماني - الإيراني) وخصوصا أن عملية البيع والشراء ستتم من خلال شركات متخصصة وتتعامل من منطلقات تجارية وفق ما هو معمول به في أسواق الطاقة العالمية.
وذكر التقرير، أن دول الخليج لاتعاني جميعها من النقص الشديد في إمدادات الغاز فدولة قطر تعتبر واحدة من أكبر مزودي الغاز في العالم، إلى جانب روسيا وإيران، مبينا أن المشكلة تكمن في الاحتياجات المتنامية بسرعة في بقية الدول التي يمكن لبعضها تطوير مصادرها وتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلا أن ذلك سيكون مكلفا مقارنة بالتزود من خلال الشبكة الخليجية في حالة إقامتها ما يعني أن لتلك القضية أبعادا تجارية واقتصادية مهمة للغاية. ولفت إلى أن مشروع الغاز القطري المعروف بـ «مشروع دولفي» ينظر إليه كواحد من أهم مشاريع التكامل الخليجي الرائدة، إذ ينقل الغاز من حقل رأس لفان في قطر إلى كل من الإمارات وعمان وبطاقة تصديرية تصل إلى 3.2 مليار قدم مكعب يوميا، مضيفا لعل من أبرز إيجابيات التعاون الخليجي الطاقوي ما يتجسد في شبكة الربط الكهربائي الخليجي والتي أصبحت تغطي اليوم الدول الست الأعضاء والذي ينظر إليه كأحد المشاريع الرائدة للتكامل الاقتصادي وصولا إلى الاتحاد الخليجي المنشود.