أكدت مصادر مطلعة في الحوار الوطني انحسار السباق نحو منصب رئيس الحكومة بين شخصيتين فحسب، بعد اعتذار شخصيتين لتقدمهما في السن وعدم قدرتهما على إدارة البلاد لأسباب صحية بحتة دون ذكر أسماء الشخصيات، فيما واصل طرفا الصراع حكومة الترويكا والمعارضة تمسكهما باختيارهما وترجيح كفة مرشح كل طرف لاعتلاء سدة الحكم. يأتي ذلك في وقت ينظر المحللون السياسيون الى التطورات الأخيرة للعمليات الإرهابية بقلق بالغ، فقد أجمعوا على أن الانفلات الأمني وتدهور صورة السلطة وضعف الدولة والمعارضة معاً الى جانب غياب السلطة الأسرية بعد الثورة كلها أسباب استفاقة الخلايا الإرهابية النائمة التي سخرت طاقاتها من أجل إدخال السلاح وتوزيعه على عناصرها المتشددة إضافة الى مرورها الى السرعة القصوى في تنفيذ مخططاتها الإجرامية. وقد عاد ملف مكافحة الإرهاب ليحتل صدارة اهتمامات الرأي العام بعد حادثتي الأربعاء التي راح ضحيتها إرهابي انتحاري كان ينوي تفجير أحد النزل بمحافظة سوسة السياحية، فيما تم إلقاء القبض على الانتحاري الثاني الذي كان استهدف مقبرة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بمحافظة المنستير التي لا تبعد كثيراً عن سوسة مما أفشل مخططه الإرهابي. ووفق أحد الخبراء الأمنيين، فإن الجماعات المسلحة دخلت مرحلة العمليات الانتحارية مستعملة في ذلك الدروع البشرية. ولم تعد الأجهزة الأمنية تخفي خشيتها من استفاقة الخلايا النائمة للإرهاب بعد اكتشافهم مخازن كبيرة للأسلحة والأحزمة الناسفة في مناطق متفرقة من البلاد إثر كل عملية إرهابية تسجل او حتى بمجرد عمليات تفتيش واسعة ودقيقة. وبقدر التعاطي الأمني مع كل مشتبه فيه بالانتماء الى الجماعة الإرهابية المتخفية في جهات مختلفة تمكن هذه العصابات من الإفلات من قبضة الفرق الأمنية المختصة والمنتشرة في كل مكان رغم تضييق الخناق عليها إلا أنها تنجح في كل مرة في تنفيذ مخططها. وكانت مصادر استخباراتية أمريكية وألمانية حذرت نظيرتها التونسية من أحداث إرهابية يقع التخطيط لها وتستهدف مؤسسات عمومية وفضاءات تجارية كبرى قد استوجبت استنفاراً أمنياً واسعاً، حيث انتشرت دوريات ثابتة ومتحركة في شوارع المدن وفي القرى والأرياف تحسباً لوقوع أعمال إرهابية قد تصيب البلاد في مقتل خاصة والسياسيون غارقون في تجاذباتهم بخصوص اختيار رئيس لحكومة الكفاءات المستقلة الجديدة وفقاً لخارطة الطريق التي تم الاتفاق بصددها خلال جلست الحوار الوطني. وكما كان منتظراً فقد ألقت العمليتين الانتحاريتين بظلالهما على مجريات الحوار الوطني الذي تتواصل أعماله بشكل حثيث، إذ ضاعفت من مخاوف الفرقاء السياسيين من تواصل الهجمات الإرهابية على البلاد وجعلتهم أكثر إصراراً على التوصل الى توافق بشأن تنفيذ بنود خارطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار ووافقت عليها القيادات الحزبية المشاركة فيه.