قال مسؤولون إن حكومة السنغال تسعى لإحياء خطط لإصدار سندات إسلامية للمرة الأولى عبر برنامج بقيمة 200 مليون دولار سينطلق العام المقبل. وستبيع حكومة السنغال الصكوك بالتعاون مع المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التابعة للبنك الإسلامي للتنمية في جدة حسبما ذكرت مصادر في المؤسستين. ونقل بيان للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص عن وزير الاقتصاد والمالية السنغالي أمادو با قوله «هذا المشروع بداية برنامج طموح قد يستخدم لتمويل مشروعات مبتكرة للبنية التحتية والطاقة بإصدارات الصكوك.» وسيكون هذا الإصدار السيادي من حكومة السنغال خطوة هامة على طريق تطوير التمويل الإسلامي بمنطقة إفريقيا جنوبي الصحراء التي لم تشهد إصدارات صكوك تذكر إلى الآن. وباعت جامبيا سندات إسلامية بمبالغ متواضعة على مدار سنوات وطرحت ولاية أوسون النيجيرية الشهر الماضي صكوكا بقيمة 62 مليون دولار بالعملة المحلية.
وتدرس حكومات دول مثل جنوب افريقيا وكينيا ونيجيريا والسنغال طرح صكوك لجذب الصناديق الإسلامية الغنية بالسيولة من دول الخليج وجنوب شرق آسيا. وتدرس السنغال إمكانية إصدار صكوك منذ 2011 على الأقل.
وقال خالد العبودي الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص إن صكوك حكومة السنغال ستكون الأولى ضمن سلسلة برامج إقليمية ستطرح على دول غرب افريقيا.
وسعت المؤسسة التي تستهدف دعم التنمية الاقتصادية في الدول الأعضاء وعددها 51 دولة عبر تمويل مشاريع القطاع الخاص إلى توسيع قاعدة مستخدمي التمويل الإسلامي في افريقيا من خلال المساعدة في إنشاء مؤسسات بدول مثل مالي وبنين.
وقال العبودي إن البنك المركزي لدول غرب افريقيا الذي يخدم دول المنطقة وافق من حيث المبدأ على استخدام الصكوك الحكومية السنغالية في صفقات إعادة الشراء لديه، مما قد يجعل الصكوك استثمارا جاذبا للبنوك العاملة بأسواق النقد المحلية.
وقال البيان إن بنك سيتي جروب سيشارك في ترتيب الإصدار.
معلوم ان مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تتألف من خمسة كيانات رئيسة، لكل منها إدارتها المستقلة ولكن تجمعها رؤية ورسالة واحدة، بالإضافة إلى المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب يعمل بها جميعاً زهاء الألف موظف.
وقد ارتقت مجموعة البنك الإسلامي لمستوى التطلعات الملقاة على عاتقها بعد أن أطلقت الذراع التأمينية لها منتجاً تأمينياً يهدف إلى دعم التصنيف الائتماني للصكوك السيادية للدول الإسلامية.
وتأمل «المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات»، الحاصلة على تصنيف (Aa3) من موديز، في أن تساعد هذه السياسة التأمينية الحكومات (مصدرة الصكوك) في الاستفادة من الطلب القوي على الصكوك الحاملة لدرجة الاستثمار.
وتأتي الخطط السنغالية بعد أن قال مصرفيون إن ولاية أوسون النيجيرية قد أغلقت عملية طرح سندات اسلامية لأول مرة في البلاد، قاطعة خطوة كبيرة نحو تطوير قطاع التمويل الإسلامي في البلد الإفريقي الأكبر من حيث عدد السكان.
وحسب نشرة الاكتتاب التي اطلعت عليها رويترز فإن صكوك ولاية أوسون الصادرة بقيمة تصل إلى عشرة مليارات نايرا (62 مليون دولار) ولأجل سبع سنوات بالعملة المحلية ستمنح المستثمرين عائداً ثابتاً بين 14.25 و14.75 في المئة. ويعيش في ولاية أوسون الواقعة جنوب غربي البلاد والمنتجة للكاكاو نحو 3.5 مليون نسمة. وسيتم استخدام حصيلة الصكوك في بناء مدارس حسب نشرة الاكتتاب.
وكان مصرفيون قالوا سابقاً إن ولاية أوسون تأمل أن تقوم صناديق التقاعد المحلية والمستثمرون الدوليون بشراء الطرح المتوقع إدراجه في البورصة النيجيرية.
وفي مارس /آذار الماضي اعتمدت لجنة الأوراق المالية والبورصات النيجيرية قواعد جديدة لتيسير إصدارات الصكوك. ويدين نحو نصف سكان نيجيريا البالغ عددهم 160 مليون نسمة بالإسلام وهي بذلك تستضيف أكبر جالية مسلمة بين بلاد إفريقيا جنوب الصحراء. وتعد الزراعة من القطاعات الاستثمارية الكبرى التي تهم الشركات الخليجية في إفريقيا. وحاولت دول الخليج الغنية بالنفط الفقيرة لمصادر المياه كالسعودية وقطر شراء مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية في الخارج لتأمين إمدادات الغذاء. واتفقت شركة حصاد الغذائية ذراع صندوق الثروة السيادي القطري على مشروع مشترك مع حكومة السودان في 2009 لتطوير أراض زراعية بقيمة مليار دولار.
إلا أن مشروعات مشتركة أخرى في مجال الزراعة قد تجازف بإقحام دول خليجية في المشكلات الاجتماعية والسياسية ومشكلات ندرة المياه في القارة السمراء إذا أدت إلى ترحيل سكان محليين من أراضيهم أو تدخلت في نمط الزراعة السائد محلياً. وقال هينك هوبلينك منسق منظمة جرين الدولية غير الهادفة للربح والمعنية بدعم صغار المزارعين العام الماضي «نخشى بشدة أن تؤدي صفقات الأراضي إلى تزايد العنف محلياً كما شهدنا بالفعل في أجزاء عديدة من إفريقيا.» وفي دراسة بحثية صدرت أواخر 2011 قال بنك ستاندرد تشارترد إن دول الخليج تميل إلى تركيز استثماراتها الزراعية في سبع دول هي السودان وموزامبيق وإثيوبيا وتنزانيا وكينيا ومالي والسنغال. لكن الدراسة أشارت أيضاً إلى تصاعد الجدل في هذه البلاد حول دور المستثمر الأجنبي. وقالت «ستكون الشفافية والاستدامة وضمان عائد معقول للمجتمعات المحلية عناصر حيوية.» ومع تواصل نمو اقتصادات إفريقيا بوتيرة تتجاوز الكثير من أنحاء العالم يبدو أن نمط تزايد الاستثمارات الخليجية في هذه البلاد سيستمر. وقال مسؤول تنفيذي بأحد أكبر الشركات العائلية في الخليج طالباً عدم الإفصاح عن هويته بسبب الحساسية السياسية لتصريحاته «الاستثمار في إفريقيا يشبه الغوص في مياه مظلمة. فالفرصة متساوية بين اقتناص اللؤلؤ أو الخروج بمحار خاو ومخلفات. «لكن هناك مخاطرة كبيرة أيضاً في الاستثمار بالأسواق الأوروبية الكبرى هذه الأيام. لماذا اذا لا نذهب إلى إفريقيا حيث المردود أعلى؟»وقدر صندوق النقد الدولي أن مصدري النفط في الشرق الأوسط حققوا فائضاً في تجارة السلع والخدمات بلغ نحو 400 مليار دولار العام الماضي. ويعود قسم كبير من هذه الأموال إلى الأسواق الأجنبية وفي حين يجري استثمار النسبة الأكبر منه في أصول غربية مثل سندات الخزانة الأمريكية فإن نسبة متزايدة تذهب إلى الأسواق الناشئة مثل إفريقيا. ورغم عدم توافر بيانات حديثة عن الاستثمارات الخليجية في إفريقيا يرى محللون أن الاستثمارات تتبع الاتجاه العام لعلاقات التجارة الثنائية بين دول المنطقتين مع فارق زمني. وحسب بنك ستاندرد تشارترد نمت التجارة السنوية بين الشرق الأوسط وافريقيا إلى خمسة أمثالها مسجلة 49 مليار دولار خلال العقد الماضي من عشرة مليارات عام 2002.