تعزّز شركات الخليج الثرية استثماراتها في أراضي إفريقيا الشاسعة ومواردها البكر مما يعكس نقلة نوعية لمستثمرين دأبوا على توجيه بوصلة أموالهم نحو الأصول الأمريكية والأوروبيَّة.
أحد الدوافع وراء هذه النقلة سلبي. فمع تأثر أسواق الولايات المتحدة وأوروبا بمشكلات الديون الحكوميَّة لم تُعدُّ هذه المناطق جاذبة لبعض المستثمرين الخليجيين مثلما كانت قبل بضع سنوات فحسب.
لكن هناك دوافع إيجابيَّة أيْضًا لهذا التحول منها النمو الاقتصادي السريع في إفريقيا وبزوغ الطبقة الوسطى التي تنفق من سعة والشعور بأن أجزاءً كبيرة من القارة أصبح لديها بيئة حوكمة واستقرار سياسي أفضل.
كما تتمتع إفريقيا بعاملي جذب آخرين لبلاد الخليج القاحلة. فهي مصدر للغذاء وللأراضي الصالحة للزراعة كما انطلقت إفريقيا في طفرة لإنشاء بنيتها التحتية تعيد إلى الأذهان طفرة الإنشاءات التي شهدها الخليج العقد الماضي.
وبوسع إفريقيا الاستفادة من خبرة الخليج في تطوير المطارات والموانئ وشبكات الاتِّصالات بسرعة مذهلة.
ويرى تنفيذيون أن محصلة كل هذا هو تسارع تدفق أموال الخليج على إفريقيا العام الماضي مما قد يصبح عاملاً مهمًا في نموِّ القارة.
يقول أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة شركة القلعة، إحدى أكبر شركات الاستثمار المباشر بالشرق الأوسط التي تدير أصولاً قيمتها 9.5 مليار دولار، «أرى أن المستثمرين الخليجيين يميلون نحو إفريقيا. أيّ فرصة هناك تخطف انتباههم.
وأضاف «إفريقيا تكتسب المزيد من الأَهمِّيّة بسبب مواردها الطبيعيَّة وتركيبتها السكانية وتطوّر الحوكمة.
وانطلقت الطفرة الاقتصاديَّة في إفريقيا في توقيت مناسب لدول الخليج التي تتراكم لديها أموال طائلة بفضل ارتفاع أسعار النفط وتستطيع استثمارها في إفريقيا.
وتركزت معظم استثمارات الخليج في إفريقيا سابقًا في شمال القارة نتيجة الأواصر اللغوية والثقافية والسياسيَّة. وعلى سبيل المثال رتبت مجموعة القلعة العام الماضي صفقة تمويل بقيمة 3.7 مليار دولار لصالح مشروع مصفاة نفط في مصر حصلت شركة قطر للبترول الدوليَّة على حصة رئيسة به.
ويتجه المستثمرون الخليجيون بشكل متزايد إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء وفي بعض الحالات يستخدمون شمال إفريقيا كقاعدة للانطلاق.
واستثمرت أبراج كابيتال المتخصصة في الاستثمار المباشر 125 مليون دولار العام الماضي في شركة سهام للتمويل بالمغرب التي تعمل بقطاع التأمين في أنحاء المغرب ودول غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية. وتسعى الشركة للاستفادة من زيادة متوقعة في الطلب على خدمات التأمين في إفريقيا.
وفي نوفمبر تشرين الثاني أطلقت شركة أبوظبي للاستثمار المتخصصة في إدارة الأصول صندوقًا لاستثمارات الدخل الثابت يركز على إفريقيا والشرق الأوسط.
وقالت: إنها ستطلق صندوقًا للاستثمار في الشركات الإفريقية المدرجة في أسواق الأسهم بالتعاون مع «التجاري وفا بنك» المغربي.
وتضخ شركات خليجية كبيرة متخصصة في البنية التحتية استثمارات في إفريقيا منذ سنوات. وتدير مجموعة موانئ دبي العالميَّة، التي دشنت أعمالها في القارة الإفريقية منذ عام 2000 مطار دكار في السنغال وعمليات تشغيل الموانئ في موزمبيق والجزائر وجيبوتي. وعلاوة على استثماراتها في مصر ونيجيريا كوَّنت شركة اتِّصالات الإماراتية العملاقة حصصًا كبيرة في أتلانتك تليكوم التي تعمل في نحو ست دول في غرب إفريقيا وفي شركة زانتل في تنزانيا وكنار لخدمات الهاتف الأرضي في السودان.
وبالغت شركات الخليج أحيانًا في تقدير نقاط الجذب الاستثمارية في إفريقيا.
وقال أحمد جلفار الرئيس التنفيذي لشركة اتِّصالات الإماراتية في أكتوبر تشرين الأول أن شركته ليس لديها خطط للتخارج بالكامل من أسواقها الخارجيَّة لكن سجَّل استثماراتها في إفريقيا لم يكن مثيرًا للإعجاب لأسباب منها شراسة المنافسة مع مشغلين آخرين.