كشفت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية «جويك» أمس، أنها تعمل على سرعة إنهاء إعداد مسودة دراسة توحيد أسعار المنتجات النفطية بدول مجلس التعاون الخليجي، بعد أخذ مرئيات الدول الأعضاء حيالها تمهيدا لتسليمها في شهر ديسمبر المقبل، التي كلفت بإنجازها لصالح الأمانة العامة لدول المجلس.
وكانت لجنة التعاون البترولي «وزراء البترول» بدول مجلس التعاون الخليجي قد اطلعت خلال اجتماعها الذي عقد بداية الشهر الجاري في الرياض على ما تم إنجازه بشأن الدراسة، مؤكدين في حينه أن الكثير من الأمور التي تتعلق بتوحيد أسعار المنتجات البترولية تحتاج إلى دراسة معمقة، لافتين في الوقت نفسه إلى أن هناك اتفاقا على الكثير من الأمور من شأنها أن تؤدي إلى أن تكون الأسعار متقاربة إن لم تكن موحدة لارتباطها بعوامل عدة منها احتياجات وإمكانات كل دولة.
وأوضحت «جويك» في بيان صحافي أمس أنها استضافت في مقرها في الدوحة الاجتماع الأول لفريق الطاقة لدول مجلس التعاون لمناقشة دراسة توحيد أسعار المشتقات النفطية بالدول الأعضاء التي تهدف إلى تشخيص وتحليل حجم المشكلة وأبعادها في الدول المعنية، وتحديد ملامح الإصلاح المطلوب في الهياكل السعرية التي ستؤدي إلى توحيد أسعار المنتجات النفطية ذات العلاقة عبر دول المجلس وتحديد الإجراءات التي يجب اتباعها لمعالجة الآثار السالبة المحتملة على القطاعات الاقتصادية المعنية كلها، حيث اتفق أعضاء وفود دول المجلس في نهاية الاجتماع على أهمية الدراسة وضرورة الانتهاء من وضع المسودة الخاصة بها وتقديمها للأمانة العامة في ديسمبر المقبل.
وأوضح الدكتور أنور القرعان مدير إدارة الدراسات والسياسات الصناعية في «جويك»، أن الدراسة تهدف لتشخيص واقع المواصفات المعيارية المحلية والخليجية والدولية المطبّقة على المنتجات النفطية وإمكانية توحيدها، مع تقدير دالة الطلب وتقدير مرونة الطلب السعرية والدخليّة للمنتجات النفطية التي تتلقى دعماً سعرياً في الأسواق المحلية مثل سوائل الغاز، الجازولين، الديزل، الكيروسين، والإسفلت، إضافة إلى قياس الآثار المالية والاقتصادية المترتبة على إبقاء هيكل الأسعار الحالي أو تغيره وفق خيارات مختلفة يتم تجربتها بما في ذلك خيار توحيد أسعار مشتقات النفط على مستوى دول المجلس. كما ستحاول الدراسة اقتراح البدائل المتاحة لتعديل أسعار المنتجات المشار إليها لتحقيق أهداف محددة، كترشيد الاستهلاك المحلي وأنماط الاستثمارات في المصافي لمقابلة الطلب المحلي، والحد من تهريب المشتقات النفطية عبر حدود دول المجلس وبين دول المجلس والدول المجاورة، وتحقيق التنمية المستدامة.
واستعرض القرعان ما تم تسلُّمه من بيانات تتعلق بإنتاج واستهلاك عدد من المنتجات النفطية في الدول الأعضاء، وطرح ملاحظات استندت إلى دراسة حديثة أجرتها وكالة الطاقة الدولية على أنظمة تسعير المشتقات النفطية في 37 دولة تمثل 95 % من الدول التي تدعم أسعار المشتقات النفطية للاستهلاك المحلي لبيان أثر الدعم المقدم لأسعارها على زيادة استهلاك المنتجات المدعومة أظهرت نتائجها، حيث تقدر الدراسة أن الإلغاء التدريجي للدعم في الدول الـ 37 بحلول عام 2015/2016 سينتج عنه تراجع الطلب العالمي على النفط بنسبة 5 %، ومن هذا المنطلق سيكون لإصلاح الدعم غير الكفء لنظام أسعار المشتقات النفطية في دول مجلس التعاون أثر ملموس على ترشيد الاستهلاك المحلي، لكن يقف أمام هذا التوجه العديد من الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحول دون تحقيق المكاسب الدائمة. واستناداً إلى هذه المعطيات، تمت الإشارة إلى ضرورة إيجاد حزمة إصلاحات تتضمن وضع معايير وقوانين لضبط الاستهلاك وتحقيق أعلى درجة من الكفاءة والاستغلال في استهلاك الطاقة، وإدارة وترشيد الاستهلاك وفق منظومة معرفية واجتماعية وبيئية متكاملة وقابلة للقياس والمتابعة بشكل دائم، وذلك بهدف جعل قطاع الطاقة في أعلى مستوى من الاستغلال والإنتاجية، وأدنى مستوى من الهدر والأضرار البيئية وغير البيئية.
وخلص مدير إدارة الدراسات والسياسات الصناعية في «جويك» إلى أن معدلات الاستهلاك المحلي المتنامية للنفط والغاز في دول المجلس تستدعي معالجة سريعة لتلافي تداعياتها المستقبلية إذا ما استمرت في النمو بنفس وتيرتها السابقة، ومعالجة هذا الوضع تتطلب الوصول إلى توازن بين الطلب المتزايد على الطاقة وتطوير آليات الضبط والترشيد في استهلاكها، الذي يعد من أهم التحديات التي تواجهها هذه الدول حالياً ومستقبلا. حيث إن مواجهة هذه التحديات تتطلب اعتماد عدد من الخيارات التي تضمن التوازن ما بين الصادرات النفطية، والتنمية الاقتصادية، والعوائد الاجتماعية وهذا الأمر يتطلب بدوره بلورة سياسة متكاملة للطاقة في دول المجلس يشارك في صياغتها كل الأطراف ذات العلاقة بما يضمن تعظيم العوائد الاقتصادية والاجتماعية لثروة ناضبة كالنفط والغاز.