لفت مسؤول بارز في شركة دار الأركان العاملة في مجال التطوير العقاري في المملكة والمدرجة في سوق الأسهم، إلى أن المعروض من الوحدات السكنية في السوق المحلية أقل كثيراً من الطلب القوي الذي يدعمه النمو السكاني والتركيبة السكانية الشابة، وهو ما سيخلق فرصاً جيدة لشركات التطوير العقاري ولا سيما في ظل ضعف المنافسة، كما سيجعل السوق «جذابة جداً» على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال يوسف الشلاش رئيس مجلس إدارة «دار الأركان» خلال مقابلة في إطار «قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط»، إن الأرقام الرسمية تتحدث عن احتياج السوق لمليون وربع المليون وحدة سكنية فيما بين 2010 و 2014، وأعتقد أن السوق لم يعرض هذا الكم من الوحدات التي طلبت في الفترة الماضية وهذا أحدث ارتفاعاً في الأسعار.. وأضاف: «لا يزال العرض أقل بكثير من الطلب ومن المتوقع خلال السنوات العشر المقبلة أن يصل الطلب إلى أربعة ملايين وحدة سكنية وهذا رقم ضخم جداً بالنسبة للمطورين طبعاً، هو فرصة لكنه تحدٍ كبير».
وتعاني سوق الإسكان المحلية من عدد من المشاكل أبرزها النقص الشديد في المعروض والزيادة المستمرة في أسعار الإيجارات والمضاربة على الأراضي غير المطورة وطول فترة الحصول على التراخيص، إلى جانب عدم توافر القدرة المادية بين معظم الشرائح التي يتركز فيها الطلب.. وبحسب تقديرات شركة الاستشارات سي. بي ريتشارد إيليس يعيش نحو 60 في المائة من المواطنين في شقق مستأجرة.. وفي ظل القيود على الملكية لا تستطيع الشركات الأجنبية دخول القطاع العقاري السعودي، في حين يصعب الحصول على التمويل سواء للمطورين أو لراغبي شراء المنازل وهو ما يؤدي لضعف المنافسة.
وأشار الشلاش إلى أن المنافسة في القطاع العقاري تكاد تكون ضعيفة جداً، متوقعاً أن تستمر كذلك على الأقل على مدى السنوات الخمس القادمة، خصوصاً في ظل عدم قدرة الشركات المحلية على تلبية كامل الاحتياجات، «لذا أتوقع أن يظل القطاع جذاباً جداً».. كما توقع أن تستفيد شركته من قانون الرهن العقاري الذي سيساعد على رفع القدرة الشرائية للمواطنين، الأمر ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية.
وقال: «دار الأركان في قلب هذه الصناعة، لذا فإن أي نمو لهذا القطاع سيكون نمواً للشركة».
ورجح الشلاش، إلى أن العام المقبل 2014 سيكون عام «النمو الحقيقي» للشركة بدعم من استقرار التدفقات النقدية وتنويع مصادر الدخل، وأنه سيشهد إطلاق أحد المشاريع العملاقة التي وصفها بأنها ستكون الأكبر على مستوى المنطقة.. وأوضح أن «دار الأركان» تسعى لتحقيق نمو لا يقل عن 10 في المائة العام المقبل مع استفادتها من الفرص القوية بالسوق العقاري الذي سيظل جذاباً للسنوات الخمس المقبلة على الأقل حسب قوله بدعم من قوة الطلب على المساكن ونقص المعروض منها.
وقال الشلاش، إن الشركة التي عانت من فقدان «التوازن المنطقي في التدفقات النقدية» خلال 2009-2012 بسبب الأزمة المالية العالمية حرصت على أن يكون 2013 بداية لتنويع مصادر الدخل وإعادة استثمار السيولة في العقارات المدرة للربح الأمر الذي أثّر بدوره على نمو الأرباح. وخلال الأسبوع الماضي سجلت «دار الأركان» خامس تراجع على التوالي في الأرباح الفصلية، إذ انخفض صافي الربح 17 في المائة إلى 183.3 مليون ريال (48.9 مليون دولار).. لكن الشلاش قال خلال المقابلة التي أجريت معه في مقر الشركة بالرياض: «نتوقع أن يكون 2014 عام النمو الحقيقي ونسعى ألا يقل النمو فيه عن 10 في المائة».. وأوضح أنه من أجل ضمان استقرار الإيرادات ستركز الشركة على أن تحقق نحو 50 في المائة من الدخل عبر بيع الوحدات السكنية والأراضي السكنية المطورة وغير المطورة، ونحو 40 في المائة من مصدر ثابت وهو الوحدات السكنية والتجارية المؤجرة، أما نسبة الـ 10 في المائة المتبقية فستكون من خلال الاستثمار في أدوات مالية تشمل الأسهم والودائع.
وبهدف تنويع مصادر الدخل تدرس الشركة مشروعين صغيرين خارج المملكة أحدهما في تركيا والآخر في أوروبا، لكن الشلاش لم يخض في تفاصيل سوى أن مشاركة الشركة فيهما ستكون صغيرة وفي حدود 5 إلى 10 في المائة فقط.. وقال إن الشركة تعتزم الإعلان بنهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل عن مشروع عقاري عملاق متعدد الاستخدامات باستثمارات قيمتها مليارات الريالات، ووصفه بأنه سيكون «من أكبر المشاريع في المنطقة وليس المملكة فقط»، لكنه امتنع عن الخوض في مزيد من التفاصيل، مبيناً أن الشركة ستمول الحصول على أرض المشروع من السيولة النقدية المتاحة لديها والتي ستحتاج إلى نحو 1.2 مليار ريال لتنفيذ البنية التحتية، لكنها لن تكون بحاجة إليها خلال الـ 6 - 8 أشهر المقبلة.
وكانت الشركة أصدرت في شهر مايو الماضي صكوكاً لأجل خمس سنوات بقيمة 450 مليون دولار في أول إصداراتها في الأسواق العالمية منذ 2010. وأوضح الشلاش أن المركز المالي للشركة «قوي جداً» إذ تمتلك قاعدة أصول قاربت قيمتها 24 مليار ريال بنهاية شهر يونيو وتُشكّل الديون الصافية منها نحو 15 في المائة، وأن السيولة النقدية «الممتازة» ستمكّنها من سداد إصدارين للصكوك سيحل موعد استحقاقهما في 2014 و2015.