صرحت المديرية العامة للجوازات عن ترحيل ومنح تأشيرة خروج نهائي لعدد 951.3 ألف وافد مخالف لنظام العمل والإقامة منذ بدء مهلة التصحيح.. وهو الأمر الذي شكل تصريحاً مفاجئاً وغير متوقع بأن يصل عدد المخالفين الذين أنهوا إجراءات خروجهم طواعية إلى هذا الرقم الكبير.. وهو ما يمثل تقريبا نحو 1.0 مليون وافد من إجمالي 6.0 ملايين وافد، أي أن 16.7% من الوافدين غادروا المملكة.. بل إن هذا الرقم يمثل نسبة ليست ضئيلة من إجمالي سكان المملكة، بنسبة تصل إلى 3.5% تقريبا.
إن السؤال الذي يطرح نفسه: كم هو عدد العمالة التي صححت أوضاعها وستبقى بسوق العمل؟ لا توجد إحصاءات دقيقة منشورة بهذا العدد، ولكن آخر تصريحات لمديرية الجوازات تشير إلى أن عدد العمالة التي صححت أوضاعها حتى منتصف أغسطس الماضي بلغ نحو 1.1 مليون وافد، وأن عدد العمالة التي عدلت مهنها بلغ نحو 1.0 مليون وافد.. أي أنه لدينا عدد عمالة مخالفة تم ترحيلها بنحو 951.3 وافد، ونحو 1.1 مليون وافد عمالة تم تعديل أوضاعها ونقل كفالتها.. وتشير بعض التصريحات الأخرى من مسؤولين إلى أن نحو 50% من العمالة المخالفة لا تزال لم تصحح أوضاعها بعد، أي أنه ينتظر أن يكون هناك نحو 1.0 مليون وافد يجب أن يصححوا أوضاعهم، ومن المتوقع لهؤلاء أن ينقسموا ما بين 500 ألف وافد خروج نهائي، ونحو 500 ألف وافد نقل كفالة.
إذن، لدينا ما يزيد عن 2 إلى 3 ملايين وافد مقيمين بالمملكة كانوا خارج نطاق التعدادات الرسمية لوزارة العمل، وأيضا خارج نطاق التعددات الرسمية لمصلحة الإحصاءات العامة، وبالتالي خارج تقديرات التشغيل والبطالة، وما هو أهم خارج نطاق تقديرات الناتج المحلي الإجمالي، أما الأمر الأكثر أهمية، فهو تقديرات عدد السكان، الذي يتوقع أن يلحق به تعديلات هامة.
فبسهولة جدا، يمكن اكتشاف أن أعداد العمالة الأجنبية من المتوقع أن تزداد التقديرات الحقيقية إلى نحو 1.5 ضعف العدد الحالي المقدر، فالتقديرات الحالية تشير إلى أن عدد الوافدين العاملين بالقطاع الحكومي يصل إلى 79.0 ألف وافد، في حين يصل عدد الوافدين العاملين بالقطاع الخاص إلى حوالي 5.8 ملايين وافد، أي أن عدد الوافدين في المملكة يصل إلى ما يناهز6.0 ملايين وافد بالقطاعين العام والخاص.. إلا أنه بناء على تصحيح الأوضاع الجاري تنفيذه حاليا، فإن عدد العمالة الوافدة إجمالا يتوقع أن يزداد بنحو 1.1 مليون وافد، نتيجة إدراج هذا العدد المخالف وغير المرصود سابقا إلى التقديرات الفعلية لوزارة العمل.. أما عن العمالة التي تم ترحيلها (951.3 مليون وافد)، فهذا العدد أصلا لم يكن مرصودا بشكل فعلي ضمن تقديرات وزارة العمل.. أيضا من المتوقع أن يضاف إلى هذا العدد عدد جديد، وهو نسبة معينة من الذين تم ترحيلهم، والذين بعض منهم خرج نهائيا لكي يصحح أوضاعه، ويعود في أقرب وقت.
إن أحد أبرز الجوانب التي كشفها تصحيح العمالة المخالفة هو أن هناك قدراً ليس قليلا من هذه العمالة كانت خارج نطاق حساب المؤشرات الاقتصادية، فسؤال هام: هل هذه العمالة المخالفة كانت تؤخذ في تعدادات السكان؟ بمعنى هل من المتوقع أن يزداد عدد السكان بمقدار الزيادة في عدد العمالة الوافدة؟ وعليه، وإذا كانت الإجابة بنعم، ستكون تقديرات الناتج المحلي الإجمالي محل نظر، التي من المفترض أن تزداد بزيادة عدد العمالة الوافدة.
إن تصحيح العمالة المخالفة لم يرفع العمالة الوافدة بالمملكة، ولكنه سيرفع أعدادها المحسوبة فعلياً في الإحصاءات الرسمية.. لذلك، فإن هذا التصحيح سيساعد كثيراً في عملية التخطيط الاقتصادي للمدن والسكان، بل سيساعد في تخطيط أكثر كفاءة للمرور من خلال تقديرات أكثر كفاءة للكثافة السكانية.
إلا أنه ينبغي القول إن عملية رصد التأثيرات النهائية الصافية لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة ما بين المرحلة (خروج نهائي)، وبين المعدلة لأوضاعها (التي ستبقى بالمملكة) يعد أمراً في غاية الصعوبة، فبعد انتهاء المهلة، كم سيصبح عدد العمالة الوافدة بالمملكة؟ وهل هذا العدد سيزداد أم سيقل عن سابقه في بداية العام وقبل التصحيح؟ فرغم أن هناك عمالة خرجت نهائياً من السوق، إلا أن هناك عمالة عدلت ونقلت كفالتها، أيضا هناك عمالة تخرج نهائياً، ثم تعود بعد فترة قصيرة، أيضاً هناك استقدام تعوض من خلاله الشركات عمالتها التي خرجت نهائياً.. إنها عملية صعبة، إلا إن تداعياتها ستكون واسعة وكبيرة اقتصادياً وإحصائياً.